كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فإن ضاق ذرعك عن هذا الكلام وفهمه فتامل قول عمر بن الخطاب،
وقد عوتب على فراره من الطاعون، فقيل له: أتفز من قدر الله؟ فقال:
" نفر من قدر الله إلى قدر الله " (1).
ثم كيف ينكر هذا الكلام من لا بقاء له في هذا العالم إلا به، ولا تتم
له مصلحة إلا بموجبه. فاله إذا جاءه قدر من الجوع والعطش و (2) البرد
نازعه، وترك الانقياد له ومسالمته، [14/ا] ودفع (3) بقدر آخر من الاكل
والشرب واللباس، فقد دفع قدر الله بقدره.
وهكذا إذا وقع الحريق في داره فهو بقدر الله، فما باله لا يستسلم له
ويسالمه ويتلالاه بالاذعان؟ بل ينازعه ويدافعه بالماء والتراب وغيره حتى
يطفى قدر الله بقدر الله، وما خرج في ذلك عن قدر الله.
وهكذا إذا أصابه مرض بقدر الله دافع هذا القدر، ونازعه بقدر آخر
يستعمل فيه الادوية الدافعة للمرض. فحق هذا الحكم الكوني أ ن
يحرص العبد على مدافعته ومنازعته بكل ما يمكنه، فان غلبه وقهره
حرص على دفع آثاره وموجباته بالاسباب التي نصبها الله لذلك (4)،
(1)
(2)
(3)
(4)
(550 - 547/ 8).
سقط لفط الجلالة من "ط". وفي القطرية:،قدره". و ثر عمر رضي الله عنه
اخرجه البخاري في كتاب الطب (5729)، ومسلم في كتاب السلام (2219).
"ط": "أو".
"ك، ط": "دفعه".
لاط": دابك" خطأ صحح في القطرية.
76

الصفحة 76