كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فيكون قد دفع القدر بالقدر، ونازع الحكم بالحكم. وبهذا امر، بل هذا
حقيقة الشرع والقدر.
ومن لم يستبصر في هذه المسالة ويعظها حقها لزمه التعطيل للقدر أ و
الشرع، شاء أم (1) أبى. فما للعبد ينازع أقدار الرب تعالى بأقداره في
حظوظه وأسباب معاشه ومصالحه الدنيوية (2)، ولاينازع أقداره
بأقداره (3) في حق مولاه و وامره ودينه؟ وهل هذا إلا خروج عن العبودية
ونقص في العلم بادله وصفاته وأحكامه؟ ولو أن عدوا للاسلام قصده
لكان هذا بقدر الله، ويجب على كل مسلم دفع هذا القدر بقدر يحبه الله
-وهو الجهاد باليد أو المال أو القلب - دفغا لقدر الله بقدره، فما
للاستسلام والمسالمة هنا مدخل في العبودية؛ اللهم إلا إذا بذل العبد
جهده في المدافعة والمنازعة، وخرج الامر عن يده، فحينئذ يبقى من
أهل الحكم الثالث: وهو الحكم القدري الكوني الذي يجري (4) على
العبد بغير اختياره، ولا طاقة له بدفعه، ولا حيلة له في منازعته.
فهذا حفه أن يتلقى بالاستسلام والمسالمة وترك المخاصمة، وأن
يكون فيه كالميت بين يدي الغاسل، وكمن انكسر به المركب في لجة
البحر، وعجز عن السباحة، وعن سبب يدنيه من النجاة؛ فههنا يحسن
الاستسلام والمسالمة. مع أن عليه في هذا الحكم عبودياب أخر سوى
(1)
(2)
(3)
(4)
"ن، ك، ط":"أو".
"ك": "اسباب مصالحه ومعايشه الدنيوية ".
"باقداره " ساقط من"ك، ط ".
"ك ": "جرى ".
77

الصفحة 77