كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فمن نزل هذه الايات على هذا الحكم علما ومعرفة، وقام بموجبها
إرادة وعزما وتوبة واستغفارا، فقد أدى عبودية الله في هذا الحكم، وهذا
قدر زائد على مجرد التسليم والمسالمة. والله المستعان، وعليه
التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فصل
[في تفسير الدرجة الثانية وهي: غنى النفس]
قوله في غنى النفس إئه: "استقامتها على المرغوب، وسلامتها من
المسخوط (1)، وبراءتها من المراياة (2) ":
يريد به (3) استقامتها على الامر الديني الذي يحبه الله ويرضاه،
وتجنبها لمناهيه التي يسخطها ويبغضها، وان تكون هذه الاستقامة على
الفعل والترك تعظيما لله وأمره، وإيمانا به، واحتسابا لثوابه، وخشية من
(4)
به؛ لاطلبا لتعظيم المخلوقين له ومدحهم، وهربا من دمهم
وازدرائهم، وطلبا للجاه والمنزلة عندهم. فان هذا دليل على غاية الفقر
من الله، والبعد منه ()، وأله أفقر شيء إلى المخلوق.
فسلامة النفس من ذلك واتصافها بضده دليل غناها؛ لالها إذا أذعنت
منقادة لامر الله طوعا واختيارا ومحبة وايمانا واحتسابا، بحيث تصير
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
"ط": "الحظوظ"، تغيير من الناشر قد مر التنبيه عليه.
انظر ما سلف في ص (67).
"به" ساقط من "ك، ط".
"ك": "لعقابه".
"ك": "عنه".
80

الصفحة 80