كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

القلب؛ فتصير بذلك مطمئنة بعد ن كانت لوامة. والما تصير مطمئنة بعد
تبدل صفاتها، وانقلاب طبعها، لاستغناء القلب بما وصل إليه من نور
الحق جل جلاله، فجرى أثر ذلك النور في سمعه وبصره، وتنعره
وبشره، وعظمه ولحمه، (1) وسائر مفاصله؛ وأحاط بجهاته من فوقه
وتحته، ويمينه ويساره، وحلفه و مامه؛ وصارت ذاته نورا فصار"2)
عمله نورا، وقوله نورا، ومدخله نورا، ومخرجه نورا؛ وكان في مبعثه
ممن أتم (3) له نوره، فقطع به الجسر.
واذا وصلت النفس إلى هذه الحال استغنت بها عن التطاول إلى
الشهوات التي توجب اقتحام الحدود المسخوطة، والتقاعد عن الامور
المطلوبة المرغوبة، فان فقرها إلى الشهوات هو الموجب لها التقاعد عن
المرغوب المطلوب؛ و يضا فتقاعدها عن المطلوب منها (4) موجب
لفقرها إلى الشهوات، فكل منهما موجب للاخر. وترك الاوامر أقوى لها
(5)
في افتقارها إلى الشهوات، فاله بحسب قيام العبد بالامر تدفع (6) عنه
جيوش الشهوة، كما قال تعالى: < ت الصلؤ دنهر الفخسابر
وائمنكر) [العنكبوت / 5 4].
وقال تعالى: <إن الله يدفع عن الذين امنوا) (7) [الحج/ 38]، وفي
(1) "ك، ط": "لحمه ودمه ".
(2) "ك، ط ": "وصار".
(3) "ط": "انبهر"، تحريف شنيع.
(4) "ط": "بينهما"، تحريف.
(5) "ط": "من"، تحريف.
(6) "ك": "يدفع".
(7) كذا وردت الاية في الاصل وغيره بلفظ "يدفع" على قراءة ابن كثير و بي=
82

الصفحة 82