كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: مقدمة)
للذوق والوجدان والكشف والالهام، لا للشرع والحجة والبرهان ه
فالشريعة شيء، و صحابها أصحاب الظاهر. والطريقة شيء، و صحابها
أصحاب الباطن. هذا علم الصدور، وذ ك علم السطور. هذا علم اللب
وذاك علم القشور. بل هذا العلم حجاب دون ذلك العلم. وبهذا التفريق
المزعوم قد انفسح مجال الانحراف والضلال في علم السلوك الذي هو
أهم العلوم، فإن سعادة الانسان في الدارين منوطة به، وانفتح الباب لكل
دخيل غريب، فتشعبت الطرق، وكثرت المزالق، ولا نهاية للترهات بعد
العدول عن قصد السبيل وسواء الصراط.
فالهجرة الثانية - وهي الهجرة إلى ما جاء به الرسول ع! ي! من الكتاب
والسنة واتباعه في كل منازل السلوك - هي التي توصل العبد إلى الله،
وتصونه عن الجور والانحراف، وتضمن له السعادة في الدنيا والاخرة.
يقول المؤلف رحمه الله في مقدمة هذا الكتاب: "ولما كانت السعادة
دائرة نفيا وإثباتا مع ما جاء به كان جديرا بمن نصح نفسه أن يجعل
لحظات عمره وقفا على معرفته، وارادته مقصورة على محابه. وهذه
أعلى همة شمر إليها السابقون، وتنافس فيها المتنافسون. فلا جرم ضمنا
هذا الكتاب قواعد من سلوك طريق الهجرة المحمدية ".
فهذا هو مقصود الكتاب، ولكن كيف تناوله المؤلف، وما المباحما
التي اشتمل عليها الكتاب؟ هذا سنبينه في الصفحات الاتية.
24