كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: مقدمة)

وبلاؤه منه. ثم قال (137): "فان أصررت على اتهام القدر وقلت:
فالسبب الذي أصبت به وأتيت منه ودهيت منه قد سبق به القدر والحكم،
وكان في الكتاب مسطورا، فلا بد منه على الرغم مني ه ". ". وهكذا فتح
المؤلف لنفسه بابا واسعا للكلام على القدر. فأورد على لسان هذا
المحتج بالقدر ما جاء في إثبات القدر من الايات والاحاديث والاثار.
ولما اختلفت الروايات في وقت كتابة المقدور للجنين عقد فصلا في
الجمع بينها، ثم عاد إلى سرد الاحاديث الأخرى في إثبات القدر.
وبعدما فرغ من ذلك شرع في الرد على الذي احتج بالقدر
فقال (178): "فالجواب أن ههنا مقامين: مقام إيمان وهدى ونجاة،
ومقام ضلال وردى وهلاك. زلت فيه اقدام فهوت باصحابها إلى دار
الشقاء. . . ". فهذا الجواب في ص (178) عن قوله: "فان أصررت على
اتهام القدر. . . " الذي سبق في ص (137). وقد ذكر في مقام الصلال
حكايات وأقوالا للمحتجين بالقدر من خصماء الله، ثم نقل عن شيخ
الاسلام ابن تيمية أن القدرية المذمومين في السنة وعلى لسان السلف
ثلاث فرق: القدرية النفاة،، القدرية الابليسية، والقدرية المشركية.
وذكر أن أربعة مواضع في القرآن بين سبحانه فيها أن الاحتجاج بالقدر من
فعل المشركين، وأن الناس تفرقوا في الكلام على هذه الايات أربع
فرق، وبين مذاهبها. ثم ذكر مراتب القضاء والقدر عند أهل السنة
والجماعة، وأوضح صلة القدر بالقدرة والعلم والحكمة وقال (199):
"فكما لا يخرج مقدور عن علمه وقدرته ومشيئته، فهكذا لا يخرج عن
حكمته وحمده، وهو محمود على جميع ما في الكون من خير وشر
حمدا استحقه لذاته، وصدر عنه خلقه و مره، فمصدر ذلك كله عن
الحكمة ".
28

الصفحة 28