كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: مقدمة)
والثالثة للمقتصدين، وهي مرتبة الصبر التي إذا نزل منها نزل إلى نقصان
الايمان وفواته. ثم قال: "فالصبر اول منازل الايمان ودرجاته،
وأوسطها، واخرها. فان صاحب الرضا والشكر لا يعدم الصبر في
مرتبته، بل الصبر معه، وبه يتحقق الرضا والشكر، لا تصور ولا تحقق
لهما دونه. وهكذا كل مقام مع الذي فوقه، كالتوكل مع الرضا،
وكالخوف والرجاء مع الحب. فان المقام الأول لا ينعدم بالترقي إلى
الاخر. . . وانما يندرج حكمه في المقام الذي هو أعلى منه " (477).
ولما وصل هنا قال: "فتأمل هذا الموضع و عطه حقه يزل عنك ما
يعرض من الغلط في علل المقامات، وتعلم أن دعوى المدعي أنها من
منازل العوام ودعوى أنها معلولة غلط من وجهين ". وبعد ذكرهما قال:
"ولنذكر لذلك أمثلة ". وهذا هو المدخل لنقد كتاب ابن العريف، فذكر
المثال الأول في الارادة وقال: إن الله جعلها من منازل صفوة عباده،
وقالت طائفة: "الإرادة خلية العوام. . . " (479). ونقل كلاما طويلا
لابن العريف من كتابه محاسن المجالس ولكن لم يسمه هنا، بل جعله
قول "طائفة" لأن المقصود نقد مذهب، لا نقد شخص بعينه. ثم تكلم
عليه من اثني عشر وجها.
وفي الفصل الثاني ذكر المثال الثاني وهو في الزهد وهنا فجأة قال:
" قال أبوالعباس رحمه الله " (92 4). ولكن من أبوالعباس هذا؟ لا يعرف
القارئ شيئا عنه إلى أن يصل بعد استطرادات مهمة إلى ص (545).
فيجده يقول: "ولنزجع الان إلى المقصود، وهو الكلام على ما ذكره
أبوالعباس ابن العريف في علل المقامات، فقد ذكرنا كلامه في علة مقام
الارادة والكلام عليه، وذكرنا كلامه في مقام الزهد وقوله إنه من مقامات
34