كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: مقدمة)

والوجدان والكشف والالهام = فتحوا بابا واسعا للزيغ والانحراف
والتأويل والتحريف. ثم تعدوا إلى تقسيم الدين إلى شريعة وطريقة،
وعلم الظاهر وعلم الباطن، وقرروا أن الاول حجاب دون الآخر، حتى
صار التصوف في بعض صوره دينا مناهضا لدين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن ثم لم يكن شيخ الاسلام ابن تيمية وصاحبه الامام ابن القيم
رحمهما ادنه ليصرفا النظر، في المهمة العظيمة التي قاما بها لاصلاح
الامة وتجديد معالم الدين، عن الرد على مزاعم الصوفية، والكشف عن
انحرافاتهم، وبيان هدي النبي! يم في التركية والاحسان.
وقد أوتي الشيخان الربانيان قدرة عجيبة على الخوض في غوامض
علوم العارفين ودقائق احوالهم والكلام عليها. وذلك لما فتح الله عليهما
من علوم الكتاب والحكمة، ثم وفقهما للظهور على معارج العبودية
والاشراف على مقامات الاحسان. ومن هنا صبحت كتابات الشيخين
في التصوف والسلوك، الجامعة بين خطر الموضوع، وسلفية المنهج في
التمسك بالكتاب والسنة دون تحيز لاحد كائئا من كان، وقدرة على
الخوض في الدقائق، وقوة البيان ووضوح التعبير - أصبحت منظومة
نادرة في المكتبة الاسلامية الزاخرة.
ومن أجل تلك الكتب كتابنا هذا. وقد افتتحه ابن القيم رحمه الله
"بباب الفقر والعبودية، إذ هو باب السعادة الاعظم وطريقها الاقوم الذي
لا سبيل إلى دخولها إلا منه". ثم تكلم على قواعد نافعة منها قاعدة في
الانابة ودرجاتها، وقاعدة في الابتلاء، وقاعدة في ذكر طريق قريب
موصل إلى الاستقامة في الاحوال والاقوال والاعمال، وقاعدة في اقسام
العباد في سفرهم إلى الد [ر الاخرة. وختم الكتاب بباب جامع في مراتب

الصفحة 6