كتاب التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
قالوا: فهي تعدو ضَبْحًا، فَتُوري بأخفافها النَّارَ من حَكِّ الأحجار بعضها ببعضٍ، فتثير النَّقْعَ -وهو الغُبار- بِعَدْوِها، فتتوسَّط (¬1) جَمْعًا وهو المزدلفة.
قال أصحاب قول "الخيل": المعروف في اللغة أنَّ "الضَّبْحَ" أصواتُ أنفاس الخيل إذا عَدَوْنَ (¬2)، والمعنى: والعادياتِ تضبح ضبحًا، أو: والعادياتِ ضابحةً، فتكون "ضَبْحًا" مصدرًا على الأوَّل، وحالًا على الثاني.
قالوا: والخيل هي التي تَضْبَحُ في عَدْوِها ضَبْحًا، وهو صوتٌ يُسْمَعُ من أَجْوَافِها، ليس بالصَّهِيل ولا الحَمْحَمَةِ، ولكنه صوت أنفاسها في أجْوَافِها (¬3) من شدَّة العَدْوِ.
قال الجُرْجَانيُّ (¬4): "كلا القولين قد جاء في التفسير، إلا أنَّ
¬__________
= من البَزْل، وهو الشَّقُّ، وذلك أن نَابَه إذا طلع شقَّ اللحم عن مَنْبَته شَقًّا، وهو أقص أسنان البعير، فليس بعد "البَازِل" سِنٌّ تسمى.
"الوَجْنَاء": يقال: ناقةٌ وجْنَاء: تامة الخَلْق، غليظة لحم الوَجْنَة، صلبةٌ شديدةٌ، مشتقة من "الوجين"؛ وهي الحجارة أو الأرض الصلبة.
"الألُّ": السير السريع، يقال: أَلَّ يَؤُلُّ ألَّا، إذا أسرع واهتزَّ.
والرواية في جميع المصادر: "الرَّمل" بدلاً عن: "الألّ".
انظر: "المخصَّص" لابن سيده (2/ 138 و 186)، و"لسان العرب" (1/ 184 و 400) و (15/ 224).
(¬1) في (ح) و (م) بياء فتاء، فيكون المراد به: الغُبار. وما أثبته من باقي النسخ فيكون المراد به: الإبل، وهو الصواب؛ لأن الآيات تتكلم عنها، والتوسط من صفتها.
(¬2) انظر: "الصحاح" (1/ 385)، و "تهذيب اللغة" (4/ 219).
(¬3) من قوله: "من أجوافها ... " إلى هنا؛ ساقط من (ز).
(¬4) هو الحسن بن يحيى الجرجاني، وقد سبقت ترجمته (ص/ 17).