كتاب التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

"يريد: وإنَّ ربَّهُ على ذلك لشهيد" (¬1).
وقيل: وإنَّ الإنسان لشهيدٌ على ذلك، إن أنكره بلسانه شَهِد به عليه (¬2) حاله (¬3).
ويؤيِّد هذا القول اتِّسَاقُ الضمائر، فإنَّ قوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)} للإنسان، فافتتحَ الخبرَ عن الإنسان بكونه كَنُودًا، ثُمَّ ثنَّاهُ بكونه (¬4) شهيدًا على ذلك، ثُمَّ ختمَهُ بكونه بخيلاً بماله لحُبِّهِ إيَّاهُ.
ويؤيِّدُ قولَ ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه أتى بـ"على" فقال: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7)} أي: مطَّلِعٌ عالمٌ به، كقوله تعالى: {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46)} [يونس: 46]، ولو أُريد شهادةُ الإنسان لأَتَى بـ"الباء"، فقيل: وإنَّه بذلك لشهيدٌ؛ كما قال تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التوبة: 17]، فلو أراد شهادةَ الإنسان لقال: وإنَّه على نفسه لشهيد، فإنَّ كُنُودَه هو المشهودُ به، ونفسه هي المشهودُ عليها.
¬__________
(¬1) وقال به -أيضًا-: قتادة، وسفيان الثوري، وابن جريج، ومجاهد، ومقاتل بن سليمان، "وهو قول أكثر المفسرين".
انظر: "معالم التنزيل" (8/ 509)، و"الجامع" (20/ 162).
(¬2) في (ز): شهيد عليه به.
(¬3) مروي عن ابن عباس -أيضًا-، وقال به: الحسن، وقتادة، ومجاهد، ومحمد بن كعب القرظي، وابن كيسان، وغيرهم.
انظر: "المحرر الوجيز" (15/ 549)، و"تفسير ابن كثير" (8/ 467)، و"الجامع"، (20/ 162).
(¬4) ساقط من (ز).

الصفحة 128