كتاب التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
المعنى على قول من يقول: {ص} الصادق الله، أو صَدَقَ محمد - صلى الله عليه وسلم - ".
وذكر الفرَّاء (¬1) هذا الوجه -أيضًا- فقال: " {ص} جواب القَسَم". وقال: "هو كقولك: وجَبَ واللهِ، ونَزَلَ واللهِ، فهي جوابٌ لقوله: {وَالْقُرْآنِ} " (¬2).
وذكر النحَّاسُ وغيرُه وجهًا آخر في الجواب، وهو أنَّه محذوفٌ تقديره: والقرآن (¬3) ذي الذِّكْر، ما الأمرُ كما يقوله هؤلاء الكفار. ودلَّ على المحذوف قوله تعالى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا} (¬4).
وهذا اختيار ابن جرير (¬5)، وهو مخرَّجٌ من قول قتادة، وشَرَحه الجُرْجَانيُّ (¬6)، فقال: ""بَلْ" رافِعٌ لخبرٍ قبله، ومثبتٌ لخبرٍ بعدَه، فقد ظهر ما بعده، وأُضْمِرَ ما قبله، وما بعده دليلٌ على ما قبله، فالظاهر يدلُّ على الباطن، فإذا كان كذلك وجَبَ أن يكون قوله: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2)} مخالفًا لهذا المُضْمَر، فكأنَّهُ قيل: والقرآن ذي الذِّكْر إنَّ
¬__________
= (1/ 394).
(¬1) هو أبو زكريا يحيى بن زياد الفرَّاء الديلمي، إمام الكوفيين، وأمير المؤمنين في النحو، صنف: "معاني القرآن"، و"الحدود"، و"اللغات"، وغير ذلك، توفي بطريق مكة سنة (207 هـ) رحمه الله.
انظر: "إنباه الرواة" (4/ 7)، و"نزهة الألباء" (98).
(¬2) "معاني القرآن" (2/ 396)، واستحسنه ابن الأنباري في "إيضاح الوقف والابتداء" (2/ 860). وضعفه ابن هشام في "مغني اللبيب" (6/ 518) وغيره.
(¬3) من قوله: "وذكر النحَّاس وغيره ... " إلى هنا؛ ساقط من (ز).
(¬4) "معاني القرآن" للنحَّاس (6/ 76 - 77).
(¬5) انظر: "جامع البيان" (10/ 547).
(¬6) هو الحسن بن يحيى الجُرْجَاني، وقد سبقت ترجمته (ص/ 17).