كتاب التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وأقام البراهين القطعيَّةَ على ثبوت ما أقسم عليه، فأبى الظالمون إلا جحودًا وتكذيبًا.
واختُلِفَ في "النَّفْسِ" المُقْسَم بها ههنا، هل هي خاصَّةٌ أو عامَّة؟ على قولين [ن/ 4]، بناءً على الأقوال الثلاثة في "اللوَّامة":
فقال ابن عباس: "كلُّ نفسٍ تَلُومُ نفسَها يوم القيامة؛ يَلُومُ المُحْسِنُ نفسه (¬1) أن لا يكون ازداد إحسانًا، ويَلومُ المُسِيء نفسه أن لا يكون رجع عن إساءته".
واختاره الفرَّاء؛ قال: "ليس من نفسٍ، بَرَّةٍ ولا فاجرةٍ، إلا وهي تلوم نفسها، إن كانت عملت خيرًا قالت: هَلاَّ ازددتُ؟ وإن كانت عملت سوءًا، قالت: ليتني لم أفعل" (¬2).
والقول الثاني: أنَّها خاصَّةٌ.
قال الحسن: "هي النَّفْسُ [ك/ 5] المؤمنة، فإنَّ المؤمن -واللهِ- لا تَرَاهُ إلا يَلُوم نفسه على كلِّ حالِهِ، لأنَّه يَسْتَقْصرُها في كلِّ ما تفعل، فيندمُ ويلومُ نفسَهُ، وإنَّ الفاجر يمضي قُدُمًا، لا يعاتبُ نفسَهُ" (¬3).
والقول الثالث: أنَّها النَّفْس الكافرة وحدها، قاله: قتادة، ومقاتل (¬4)؛ هي النَّفْس الكافرة تلوم نفسها في الآخرة على ما فرَّطَت في
¬__________
(¬1) في (ن) زيادة: يوم القيامة.
(¬2) "معاني القرآن" (3/ 208).
(¬3) أخرجه: عبد الله بن أحمد في زوائده على "الزهد" رقم (1621).
(¬4) "تفسير مقاتل" (3/ 421).
وهو مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي الخراساني، أبو الحسن البَلْخي، عالمٌ بالتفسير، طعنوا في معتقده وروايته، قال الذهبي: "أجمعوا على تركه"، =

الصفحة 23