كتاب التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الأوْلاَجَ، والأطرافَ، والأهضام (¬1) لتُخْفِي أنفسَها وأماكنَها على الطالبين، فأولئك أعلَوا أنفُسَهم وزكَّوها، وهؤلاء أخفَوا أنفسَهم ودَسَّوها. وأنشد في ذلك:
وبَوَّأْتَ بيتكَ في مَعْلَمٍ ... رَحيبِ المَباءَةِ والمَسْرَحِ
كَفَيْتَ العُفَاةَ طِلاَبَ القِرَى ... ونَبْحَ الكِلاَبِ لِمُسْتنبِحِ" (¬2)
وقال أبو العباس (¬3): سألتُ ابنَ الأعرابي (¬4) عن قوله: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} فقال: "دسَّ" معناه: دسَّ نفسَه مع الصالحين وليس
¬__________
(¬1) "الأولاج": جمع وَلَجَة، وهي موضعٌ أو كهفٌ يستتر فيه المارة من المطر أو غيره.
و"الأهضام" والهُضُوم: جمع هَضْم أو هِضْم -بفتح الهاء وكسرها-؛ وهو المطمئنُّ من الأرض، أو بطن الوادي وأسفله.
انظر: "لسان العرب" (15/ 101) و (15/ 391).
(¬2) "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (344 - 345).
(¬3) هذا هو القول الثاني.
وأبو العباس هو: أحمد بن يحيى بن سيَّار الشيباني بالولاء، المعروف بـ "ثعلب"، إمام الكوفيين في النحو واللغة والحديث، لازم ابن الأعرابي بضع عشرة سنة، من مصنفاته: "معاني القرآن"، و"الفصيح" الذي طبقت شهرته الآفاق، توفي ببغداد سنة (291 هـ) رحمه الله.
انظر: "تاريخ بغداد" (5/ 204)، و"وفيات الأعيان" (1/ 102).
(¬4) هو أبو عبد الله محمد بن زياد النحوي، المعروف بـ "ابن الأعرابي"، كان إمامًا في اللغة والنحو والنَّسَب، كثير السماع والرواية, من تصانيفه: "النوادر"، و"معاني الشعر"، و"الأنواء"، توفي سنة (231 هـ) رحمه الله.
انظر: "نزهة الألباء" (150)، و"إنباه الرواة" (3/ 128).