كتاب التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
وإخراجُك من هذا البلد الأمين؛ الذي يأْمَنُ فيه الطير والوحش والجاني، وقد استَحَلَّ قومُكَ فيه حُرْمتكَ، وهم لا يَعْضدُون به شجرةً، ولا يُنفِّرون به صيدًا. وهذا مروي عن شرحبيل بن سعد (¬1).
وعلى كلِّ حالٍ فهي جملة اعتراضٍ في أثناء القَسَم، موقعها من أحسن موقعٍ وأَلْطَفه.
فهذا القَسَمُ متضمِّنٌ لتعظيم بيته ورسوله.
ثُمَّ أنكر -سبحانه- على الإنسان ظنَّه وحُسْبَانه أن لن يقدر عليه أحدٌ من خلقه في هذا الكَبَدِ والشدَّةِ والقوَّةِ التي يكابد بها الأمور، فإنَّ الذي خلقه كذلك (¬2) أَوْلَى بالقدرة منه وأحقُّ، وكيف يُقْدِرُ غيرَهُ من لم يكن قادرًا في نفسه؟! فهذا برهانٌ مستقِل بنفسه، مع أنَّه متضمِّنٌ للجزاء
¬__________
= (1353).
وانظر -أيضًا-: "الكشاف" (4/ 757)، و"معالم التنزيل" (8/ 429)، و"زاد المسير" (8/ 250 - 251)، و"الجامع" للقرطبي (20/ 60).
(¬1) أخرجه: سعيد بن منصور، وابن المنذر، كما قال السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 593).
وعَزَا السمعاني هذا القول في "تفسيره" (6/ 225) إلى: القفَّال!
وانظر: "المحرر الوجيز" (15/ 454)، و"معالم التنزيل" (8/ 429)، و"الجامع" (20/ 61).
وشرَحْبيل بن سعد هو: أبو سعد الخَطْمِي المدني، مولى الأنصار، تابعي أخباري، لم يكن أحدٌ أعلم بالمغازي والبَدْريين منه، لكنه ضعيف الحديث على قلةٍ في الرواية, توفي سنة (123 هـ) رحمه الله.
انظر: "تهذيب الكمال" (12/ 413)، و"إكمال التهذيب" لمغلطاي (6/ 227).
(¬2) في (ز) و (ن): لذلك.