كتاب التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وهذا لعلَّه قول الكلبي.
وقولُ هؤلاء أصحُّ نظرًا، وأثرًا, ولغةً.
قال قتادة: "إنَّها عقبةٌ شديدةٌ، فاقتحِمُوها بطاعة الله".
وفي أثرٍ معروفٍ: "إنَّ بين أيديكم عقبةً كؤودًا لا يَقْتحِمُها إلَّا المُخِفُّون" (¬1)، أو نحو هذا، فإنَّ اللهَ -تعالى- سمَّى (¬2) الإيمانَ به، وفعلَ ما أَمَرَ، وتركَ ما نَهَى: عقبةً.
وكثيرًا ما يقع في كلام السلف الوصية بالتضمُّر لاقتحام "العقبة"، وقال بعضُ الصحابة وقد حضره الموتُ، فجعل يبكي، ويقول: "ما لي لا أبكي وبين يديَّ عقبةٌ، أَهبِطُ منها إمَّا إلى جنَّةٍ، وإمَّا إلى نارٍ".
فهذا القول أقرب إلى الحقيقةِ (¬3)، والآثار السلفيةِ، والمألوفِ من عادةِ القرآن في استعماله هو {وَمَا أَدْرَاكَ} في الأمَور الغائبة العظيمة كما تقدَّم. والله أعلم.
¬__________
(¬1) أخرجه: البزار في "البحر الزخار" (10/ 55) رقم (4118) وصححه، والحاكم في "المستدرك" (4/ 573) وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 309)، وتمَّام في "فوائده" رقم (1642)، وابن الأعرابي في "الزهد" رقم (110)، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 226)، من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه-.
وصححه: المنذري في "الترغيب"، والهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 263)، والعجلوني في "كشف الخفاء" (2/ 109)، والألباني في "صحيح الترغيب" (3/ 237)، و"السلسلة الصحيحة" رقم (2480).
(¬2) في جميع النسخ: وإن سمى الله! والمثبت أنسب لدلالة السياق عليه.
(¬3) "إلى الحقيقة" ساقط من (ن).

الصفحة 68