كتاب التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
مكذِّبًا أو مكذَّبًا، وإنَّما معناه نسبتُهُ إلى الكذب، فالمعنى على هذا: فمَنْ يجعلك بَعْدُ (¬1) كاذبًا بالدِّين (¬2).
وهذا إنِّما يتَعدَّى إليه بـ "الباء" الفعلُ المُضَاعَفُ لا الثلاثي، فلا يقال: كَذَبَ بكذا، وإنَّما يقال: كذَّبَ به.
وجواب هذا الإشكال أنَّ قوله: كذَّبَ بكذا؛ معناه: كذَّبَ المُخْبَر به، ثُمَّ حذفوا المفعول لظهور العلم به، حتَى كأنَّه نِسْيٌ مَنْسِيٌّ، وعَدَّوا الفعل (¬3) إلى المُخْبِر به (¬4)، فإذا قيل: مَنْ يكذِّبك بكذا؟ فهو بمعنى: كذَّبُوك بكذا -سواء-، أي (¬5): نسبوك إلى الكذب في الإخبار به.
بل الإشكال في قول مجاهد والجمهور، فإنَّ الخطاب إذا كان للإنسان، وهو المكذِّب -أي: فاعل التكذيب- فكيف يقال له: ما يكذِّبك؟ أي: يجعلك مكذِّبًا، والمعروفُ "كذَّبَهُ": إذا جعله كاذبًا لا مكذِّبًا، مثل "فسَّقَه ": إذا جعله فاسقًا، لا مفسِّقًا لغيره.
وجواب هذا الإشكال: أنَّ "صدَّقَ" و"كذَّبَ" -بالتشديد- يراد به معنيان:
أحدهما: النِّسبة؛ وهي إنَّما تكون للمفعول كما ذكرتم.
والثاني: الداعي والحامل على ذلك، وهو يكون للفاعل.
¬__________
(¬1) من (ح) و (م)، وسقط من باقي النسخ.
(¬2) بعده في (ز) و (ن) زيادة: أو مكذبًا به، ومثله فى (ك) و (ط) بدون: به.
(¬3) أثبتُّه من (ح) و (م)، وسقط من باقي النسخ، إلا أنه استدرك في هامش (ك).
(¬4) في (ن): ثم حذفوا المفعول! تكررت خطأ.
(¬5) ساقط من (ن) و (ك).