كتاب التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
فصل
ومن ذلك قَسَمُهُ -سبحانه وتعالى- بالليل {إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)} [الليل/ 1 - 2] الآيات، وقد تقدَّم (¬1) ذكر المُقْسَم عليه وأنَّه سعيُ الإنسان في الدنيا، وجزاؤه في العُقْبَى.
فهو -سبحانه- يُقْسِمُ بـ "الليل" في جميع أحواله، إذ هو من آياته الدالَّة عليه. فأقسم به (¬2) وقت غشيانه، وأتى به بصيغة المضارع لأنَّه يغشى شيئًا بعد شيء، وأمَّا "النَّهار" فإنَّه إذا طلعت الشمس ظهر وتجلَّى وَهْلَةً واحدةً، ولهذا قال في سورة "الشمس وضحاها": {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)} [الشمس/ 2 - 4].
وأقسَمَ به وقت سريانه كما تقدَّم (¬3)، وأقسَمَ به وقت إدباره، وأقسَمَ به إذا عَسْعَس.
فقيل: معناه أدبر (¬4)، فيكون معناه مطابقًا لقوله: {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34)} [المدثر/ 33 - 34].
¬__________
(¬1) راجع (ص/ 10).
(¬2) بعده في (ز) و (ن) و (ط) زيادة: في.
(¬3) راجع (ص/ 48).
(¬4) قال به: علي، وابن عباس -رضي الله عنهم-، ومجاهد، وقتادة، والضحَّاك،
وزيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن.
واختاره: الفرَّاء "معاني القرآن" (3/ 242) وزعم أنه إجماع المفسرين! وابن جرير الطبري في "جامع البيان" (12/ 470)، وابن عطية في "المحرر الوجيز" (15/ 340).