كتاب التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
وأقسَمَ -سبحانه- بزمان السعي وهو (¬1) الليل والنَّهار، وبالساعي وهو الذَّكَر والأنثى؛ على اختلاف السعي، كما اختلف الليلُ والنَّهارُ، والذَّكَرُ والأنثى.
وسعيُه وزمانُه مختلِفٌ (¬2)؛ وذلك دليلٌ على اختلاف جزائه وثوابه، وأنَّه -سبحانه- لا يسوِّي بين من اختلف سعيه (¬3) في الجزاء، كما لم يسوِّ بين الليل والنَّهار، والذَّكَر والأنثى.
ثُمَّ أخبر عن تفريقه بين عاقبة سعي المحسن وعاقبة سعي (¬4) المسيء فقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} [الليل/ 5 - 10]، فتضمَّنت الآيتان (¬5) ذِكْرَ شَرْعِه وقَدَرِه، وذِكْرَ الأعمالِ وجزائها، وحكمةَ القَدَرِ في تيسير هذا لليُسْرَى، وهذا للعُسْرَى، وأنَّ العبد ميسَّرٌ بأعماله لغاياتها، ولا يظلم ربُّك أحدًا.
وذَكَر للتيسير لليسرى ثلاثةَ أسباب:
أحدها: إعطاء العبد، وحذَفَ مفعول الفعل إرادةً للإطلاق (¬6) والتعميم، أي: أعطى ما أُمِرَ به، وسَمَحَتْ به طبيعته، وطاوَعَتْهُ
¬__________
(¬1) ساقط من (ز).
(¬2) في (ز) و (ك) و (ن) و (ط): يختلف.
(¬3) ساقط من (ز).
(¬4) ساقط من (ن).
(¬5) كذا في جميع النسخ؛ ومراده بهما: آية اليسرى، وآية العسرى، وما يتبعهما. والله أعلم.
(¬6) في (ن) و (ز): الإطلاق.