كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: مقدمة)
قال شافعي: لا سياسة إلا ما وافق الشرع.
قال ابن عقيل: السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إ لى الصلاح
وابعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي. فان أردت بقولك:
((إلا ما وافق الشرع)) أي لم يخالف ما نطق به الشرع - فصحيح. وإن اردت ما
نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة، فقد جرى من الخلفاء الراشدين من القتل
والمثل ما لا يجحده عالم بالسنن، ولو لم يكن إلا تحريق المصاحف كان رأيلا
اعتمدوا فيه على مصلحة، وتحريق علي في الاخاديد وقال:
إ ني إذا شاهدت أمرا منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا
ونفي عمر نصر بن حجاج.
قلت: هذا موضع مزلة أقدام، وهو مقام ضنك ومعترك صعب، فرط فيه
طائفة فعطلوا ا لحدود وضيعوا ا لحقوق وجراوا أهل الفجور على الفساد،
وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بها مصالح العباد، وسدوا على نفوسهم طرقا
عديدة من طرق معرفة المحق من المبطل، بل عطلوها مع علمهم قطعا وعلم
غيرهم بانها أدلة حق، ظنا منهم منافاتها لقواعد الشرع.
والذي أوجب لهم ذلك نوع تقصير في معرفة الشريعة، فلما رأى ولاة
الامر ذلك، وان الناس لا يستقيم أمرهم إلا بشيء زائد على ما فهمه هؤلاء من
الشريعة = أحدثوا لهم قوانين سياسية ينتظم بها أمر العالم، فتولد من تقصير
12