كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

ولم تداو مرضاها، ولم تحبس أولاها على أخراها عاقبك سيدها (1).
وهذا ظاهر الاعتبار، فان الخلق عباد الله، والولاة نواب الله على
عباده، وهم وكلاء العباد على نفوسهم، بمنزلة أحد الشريكين مع
الاخر، ففيهم معنى الولاية والوكالة.
ثم الولي والوكيل متى استناب في أموره رجلا وترك من هو
أصلح (2) للتجارة أو العقار منه، أو باع السلعة بثمن، وهو يجد من
يشتريها بخير (3) من ذلك الثمن، فقد خان صاحبه، لا سيما إن كان بينه
__________
(1)
(2)
(3)
أخرج القصة أبو نعيم قي "الحلية": (125/ 2)، وابن عساكر في "تاريخ
دمشق ": (223/ 27)، (218/ 67) وقال: هذه الحكاية محفوظة عن بي مسلم
الخولاني.
قوله: "هنأت جرباها" الهناء هو القطران، يقال: هنأت البعير إذا طليته
لعلاجه بالقطران. انظر "النهاية في غريب الحديث ": (276/ 5).
وقوله: "حبست أولاها على أخراها" ي: تمنع علية القوم أن يتقدموا على
من دونهم، بل تجعلهم سواسية لا يتقدم أحد على أحد.
علق الشيخ العميمين على القصة في "شرحه: 36" بما حاصله: (هذا الكلام
العجيب يدل على أمرين:
الاول: جرأة السلف على مجابهة الملوك والخلفاء، ومن دونهم من باب
أولى، وهي جرأة بصراحة و مامهم ليست جرأة من وراء الجدران.
الثاني: حلم الخلفاء السابقين، وعلمهم بأنهم كما يقال لهم، فهو يقول:
هو أعلم بما يقول. وهذا إقرار من معاوية على ماقاله أبو مسلم الخولاني. . .
فأبو مسلم جريء، ولا يعد هذا جفاء منه على الولاة إذ الولاة في وقتهم
يتحفلون مثل هذا، ويرون في هذا مصلحة لهم، حيث يقول لهم الناصح أمام
الناس مثل هذا الكلام وهم صابرون وموافقون عليه. 0 0) اهبتصرف.
(ي، ظ): "أصلح منه".
(ظ): "بثثر".
15

الصفحة 15