كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وأمر النبي ع! م! م مرة عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل
- استعطافا لاقاربه الذين بعثه إليهم - على من هم أفضل منه (1). وأمر
أسامة بن زيد - لاجل طلب ثار أبيه (2). وكذلك كان يستعمل الرجل
لمصلحة راجحة، مع أنه قد كان يكون مع الامير من هو أفضل منه في
العلم والإيمان.
وهكذا كان أبو بكر خليفة رسول الله! م! ر - رضي الله عنه - ما زال
يستعمل خالدا في حرب أهل الردة، وفي فتوح العراق والشام، وبدت
منه هفوات كان له فيها تاويل، وقد ذكر له عنه أنه كان له فيها هوى، فلم
يعزله من أجلها، بل عتبه (3) عليها لرجحان المصلحة على المفسدة في
" (4) 1.
ئه، و لى غيره لم يكن يقوم مقامه؛ لان المتولي الكبير إذا كان خلقه
يميل إلى الشدة (5)، فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى اللين، وإذا كان
خلقه يميل إلى اللين، فينبغي أن يكون خلق نائبه يميل إلى الشدة،
ليعتدل الأمر.
ولهذا كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه - يوثر استنابة خالد،
وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يؤثر عزل خالد واستنابة أبي
__________
= الألباني.
وللحديث شواهد عن عدد من الصحابة.
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)

اصله في البخاري رقم (4358)، ومسلم رقم (2384)، وانظر "سيرة ابن
هشام ": (ق 623/ 4/2 - 624).
انظر "سيرة ابن هشام ": (ق 2/ 4/ 641 - 642).
(ي): "عاتبه"، (ظ): "لم يعبه ".
(ظ، ل، ب): "ابقائه".
في بعض الانسخ خلاف في تقديم وتاخير كلمتي "الشدة واللين ".
22

الصفحة 22