كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ت العمران - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وإذا حصل من هؤلاء متبرع فقد أغنى الله به، وإلا أعطي ما يكفيه أو
قدر عمله. واذا عرفت أن العطاء يكون بحسب منفعة الرجل، وبحسب
حاجته في مال المصالح وفي الصدقات - أيضا - فما زاد على ذلك لا
يستحقه الرجل إلا كما يستحقه نظراوه، مثل أن يكون شريندا في غنيمة أو
ميراث.
ولا يجوز للامام أن يعطي أحدّا ما لا يستحقه لهوى نفسه؛ من قرابة
بينهما، أو مودة، ونحو ذلك، فضلا أن يعطيه لاجل منفعة محرمة منه؛
كعطية المخنثين من الصبيان المردان؛ الاحرار والمماليك ونحوهم،
والبغايا، والمغنين، والمساخر، ونحو ذلك، أو إعطاء العرافين من
الكهان والمنجمين ونحوهم.
لكن يجوز، بل يجب الإعطاء لتأليف من يحتاج إلى تأليف قلبه،
وإن كان هو لا يحل له أخذ ذلك، كما أباح الله سبحانه وتعالى في القران
العطاء للمولفة قلوبهم من الصدقات، وكما كان النبي لمجيم يعطي المؤلفة
قلوبهم (1) من الفيء ونحوه، وهم السادة المطاعون في عشائرهم، كما
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي الأقرع بن حابس سيد بني تميم، وعيينة بن حصن
سيد بني فزارة، وزيد الخير (2) الطائي سيد بني نبهان، وعلقمة بن علاثة
__________
(1) في هامش (ي) تعليق نثبت ما ظهر منه: ([كان] يؤلف أجل ... وأما بعد
قوة. . . فلم يؤثر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تألف مسلما، ولا وقع بعده من احد من الخلفاء
الاربعة، حتى قال بعض العلماء: إنه قد نسخ التأليف و. . . المصارف بعد
سبعة) اهـ.
(2) (ي، ز): "الخيل" وهذا اسمه قبل إسلامه ثم سماه النبي ىلمج! زيد الخير. انظر
"الاصابة ": (2/ 622 - 623).
73

الصفحة 73