كتاب عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
شردت في كل مذهب.
وحفظ من خطب الحخاج: "اقدعوا هذه النفوس؛ فانها طلعة إلى
كل سوء، فرحم الله امرأ جعل لنفسه خطافا وزماما؛ فقادها بخطامها إلى
طاعة الله، وصرفها بزمامها عن معصية الله، فان الصبر عن محارم الله
ايسر من الصبر على عذابه " (1).
قلت: والنفس فيها قوتان: قوة الاقدام، وقوة الاحجام، فحقيقة
الصبر ان يجعل قوة الاقدام مصروفة إلى ما [6/ ب] ينفعه، وقوة الاحجام
إمساكا عما يضره.
ومن الناس من يكون صبره (2) على فعل ما ينتفع به وثباته عليه أقوى
من صبره عما يضره، فيصبر على مشقة الطاعة، ولا صبر له عن داعي
هواه إلى ارتكاب ما نهي عنه0
ومخهم من تكون قوة صبره عن المخالفات أقوى من صبره على
مشقة الطاعات.
ومنهم من لا صبر له على هذا ولا على هذا.
وافصل النالص اصبرهم على النوعين؛ فكثير من الناس يصبر على
مكابدة قيام الليل في الحر والبرد وعلى مشقة الصيام، ولا يصبر عن نظرة
محرمة.
<1) لم اقف عليها هكذا، وذكر نحوها المبرد في "الكامل" (1/
والزمخشري في " ربيع الابرار ونصوص الاخبار" (3/ 291).
وقال المبرد: "اقدعوا" يقال: قدعته عن كذا، أي: منعته عنه.
(2) كذا في الاصل و إب). وفي (م) و (ن): "تكون قوة صبره ".
26
160)،