كتاب موسوعة التفسير قبل عهد التدوين

لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة) فأنزلت (¬1).
15 - وفي تفسيره لقوله تعالى: (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) (¬2).
قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه فأسأله عنها حتى انتهى إلى هذه الآية (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ... ).
فقال ابن عباس: إن هذا الحيّ من قريش كانوا يتزوجون النساء ويتلذّذون بهن مقبلات ومدبرات، فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا
يفعلون بمكة، فأنكرن ذلك وقلن: هذا شيء لم نكن نؤتى عليه، فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى في ذلك (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ... ) قال: إن شئت مقبلة، وإن شئت مدبرة، وإن شئت باركة، وإنما يعني موضع الولد للحرث، يقول: ائت الحرث حيث شئت .. (¬3).
16 - وفي تفسيره لقول الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) (¬4).
قال مجاهد: كان جماع قبائل الأنصار بطنين: الأوس والخزرج، وكان بينهما في الجاهلية حرب ودماء وشنآن، حتى منّ الله عليهم بالإسلام وبالنبي صلى الله عليه وسلم، فأطفأ الله الحرب التي كانت بينهم وألّف بينهم بالإسلام، قال: فبينا رجل من الأوس ورجل من الخزرج قاعدان يتحدثان ومعهما يهودي جالس، فلم يزل يذكرهما أيامهما، والعداوة التي بينهم حتى استبّا ثم اقتتلا، قال: فنادى هذا قومه، وهذا قومه،
¬__________
(¬1) غرائب القرآن للنيسابوري: 1/ 405.
(¬2) البقرة: 223.
(¬3) فتح الباري شرح صحيح البخاري: 8/ 191.
(¬4) آل عمران: 100.

الصفحة 301