كتاب الله جل جلاله واحد أم ثلاثة

وهنا يُحذَّر أن تقرأ (الله) معرفاً بـ (الـ) في "وكان الكلمة الله"، وإلا لا يكون فرق بين الكلمة والله، وبالتالي لا فرق بين الآب والابن، وهذه هي بدعة سابيليوس الذي قال أنها مجرد أسماء، في حين أن الإيمان المسيحي يقول: إن الأقانيم في الله متميزة، فالآب ليس هو الابن، ولا الابن هو الآب، وكل أقنوم له اختصاصه الإلهي، كذلك فالله ليس هو الكلمة، والكلمة ليس هو الله الكلي" (¬1).
ونوافق الأب المسكين في كثير مما قاله عن تنكير الكلمة المستخدمة، ولا نوافقه على قوله: "وهنا يقابلنا قصور مكشوف في اللغة العربية فلا توجد كلمة (الله) بدون تعريف (الـ) .. " إذ كلامه يوهم القارئ اضطرارهم إلى استخدام اللفظة المعرّفة (الله) في غير معناها بسبب قصور اللغة العربية، وهو غير صحيح، فذكرها إلباس وتحريف، بدليل وقوعه في سائر التراجم العالمية، وفي مقدمتها الترجمة الإنجليزية التي تعرض عن استخدام اللفظ النكرة ( god a) ، وتصر على تعريف الكلمة ( God) .
- ولو غض المحققون طرفهم عن ذلك كله، فإن في النص أموراً مُلبِسة تمنع استدلال النصارى به على ألوهية المسيح:
أولها: ما معنى كلمة "البدء"؟ ويجيب النصارى: أي الأزل.
لكن ذلك لا يسلم لهم، فإن الكلمة وردت في الكتاب على معانٍ منها:
- وقت بداية الخلق والتكوين كما جاء في " في البدء خلق الله السموات والأرض" (التكوين 1/ 1)، فوقت الخلق قديم لكنه في لحظة مخلوقة، وليس في الأزل، ومثله قول المسيح عن إبليس أنه كان منذ البدء: " أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا، ذاك كان قتالاً للناس من البدء، ولم يثبت في الحق، لأنه ليس فيه حق" (يوحنا 8/ 44)، فإبليس قتال للناس منذ البدء أي بداية الخليقة، ولا يعني النص أنه كان في الأزل، فالشيطان ليس أزلياً.
¬_________
(¬1) شرح إنجيل القديس يوحنا، الأب متى المسكين (1/ 35).

الصفحة 76