كتاب الله جل جلاله واحد أم ثلاثة

ومثله قاله متى على لسان المسيح، وهو يحاجج اليهود "قالوا له: فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلّق، قال لهم: إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلّقوا نساءكم، ولكن من البدء لم يكن هكذا" (متى 19/ 7 - 8)، ومعناه أن ذلك لم يكن مأذوناً به عند بداية الخليقة، وبداية الخلق لحظة مخلوقة، وليست الأزل الذي يسبق كل زمان.
- وترد كلمة البدء أيضاً، ويراد منها فترة معهودة من الزمن كما في قول لوقا: "كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء" (لوقا 1/ 2)، فالبدء هنا يعني أول رسالة المسيح.
ومثله قول يوحنا: "أيها الإخوة لست أكتب إليكم وصية جديدة، بل وصية قديمة كانت عندكم من البدء. الوصية القديمة هي الكلمة التي سمعتموها من البدء" (يوحنا (1) 2/ 7).
ومثله قوله في جواب اليهود لما سألوه: "فقالوا له: من أنت؟ فقال لهم يسوع: أنا من البدء ما أكلمكم أيضاً به" (يوحنا 8/ 25)، فكل هذه الاستعمالات لكلمة البدء لا يراد منها الأزل، بل أوقات معينة حادثة.
وعليه فلا يقبل قول النصارى بأن الأزل هو المراد في قوله "في البدء كان الكلمة"، فهذه اللفظة استخدمت في مواضع أخرى بمعان أخرى، فلا يصار إلى المعنى الذي أرادوه إلا بدليل مرجح.
ويرجح الشيخ العلمي في كتابه الفريد "سلاسل المناظرات" بأن معنى النص يتحدث عن بدء تنزل الوحي على الأنبياء، أي أنه عليه السلام كان بشارة صالحة عرفها الأنبياء كما في (إرميا 33/ 14) (¬1).
ثانيها: ما المقصود بـ (الكلمة)؟ هل هو المسيح - عليه السلام -؟ أم أن اللفظ يحتمل أموراً أخرى، وهو الصحيح. فلفظة (الكلمة) لها إطلاقات في الكتاب المقدس:
¬_________
(¬1) انظر: سلاسل المناظرة الإسلامية النصرانية بين شيخ وقسيس، عبد الله العلمي، ص (259 - 262).

الصفحة 77