كتاب الله جل جلاله واحد أم ثلاثة

خامساً: نسبة أفعال الله إلى المسيح
أ. إسناد الخالقية لله بالمسيح
كما أسندت بعض النصوص الخالقية لله بالمسيح، فتعلق النصارى بها، ورأوها دالة على ألوهيته ومنها قول بولس عن المسيح: "فإن فيه خلق الكل: ما في السماوات وما على الأرض، ما يرى وما لا يرى، سواء أن كان عروشاً أم رياسات أم سلاطين، الكل به وله قد خلق" (كولوسي 1/ 16 - 17)، وفي موضع آخر يقول: "الله خالق الجميع بيسوع المسيح" (أفسس 3/ 9)، ومثله ما جاء في مقدمة يوحنا "كان في العالم، وكوِّن العالم به، ولم يعرفه العالم" (يوحنا 1/ 10)، ومثله في (عبرانيين 1/ 2) وغيرها.
ونلحظ ابتداءً أن الخلق في كافة النصوص الكتابية مسند لله تعالى فقط، فقد قال سفر التكوين "في البدء خلق الله السماوات والأرض" (التكوين 1/ 1)، ولم يذكر خالقاً شارك الله بالخلق أو كان واسطة تم الخلق من خلاله، وفي سفر إشعياء "هكذا يقول الله الرب خالق السموات" (إشعيا 42/ 5)، كما وقد قال بولس وبرنابا لأهل مدينة لسترة: "نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلى الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها" (أعمال 14/ 15)، فلم يذكر الكتاب خالقاً سوى الله العظيم.
وما بين أيدينا من أقوال بولس ويوحنا فإنها إنما تتحدث عن الله الذي خلق بيسوع كما صنع المعجزات بيد يسوع (انظر أعمال 2/ 22)، ولا تذكر أنه هو الخالق أبداً، فغاية ما تحتمله هذه النصوص - لو سلم بصحتها - أن يقال بأن الله خلق بالمسيح ما خلق من الكائنات والمخلوقات.
يقول القس جيمس أنِس متحدثاً عن الأقانيم وأعمالها المختلفة: "ومن أمثلة التميز في الأعمال أن الآب خلق العالم بواسطة الابن" (¬1).
¬_________
(¬1) علم اللاهوت النظامي، القس الدكتور جيمس أنس، ص (178).

الصفحة 80