كتاب إلى الإسلام من جديد

وصلوا الى الحكومة على جسر من متاعبهم وإيثارهم. أفيجوز لهم أن يستغلوها لمصلحتهم وشهواتهم، وأبنائهم، ويتمرغوا في النعيم، ويسرفوا في الأكل والشرب؟ لقد ظلموا اذن عثمان بن مظعون، وحمزة بن عبد الملطب، ومصعب بن عمير، وأنس بن النضر، وسعد بن معاذ، وكثيرا من رفقتهم الذين لم يروا شيئا من الفتوح والغنائم، ولم يشبعوا أياما متوالية، وقف القوم ولم يطب لهم الأكل والشرب، وأرادوا أن يلحقوا بإخوانهم ولم يأخذوا من الدنيا الا البلاغ.
تأسست دولة الإسلام وفتحت فارس وبلاد الروم، والشام ونقلت الى عاصمة الاسلام - المدينة المنورة - كنوز كسرى وقيصر، وانصبت عليها خيرات المملكتين العظيمتين، وانهال على رجالها من أموال هاتين الدولتين وطُرَفها وزخارفها، ما لم يدر قط بخلدهم، وقد انقضى على اسلامهم ربع قرن وهم في شدة وجهد من العيش، وفي جشوبة المطعم وخشونة الملبس، لا يجدون من الطعام الا ما يقيم صلبهم، ولا من اللباس الا ما يقيهم من البرد والحر، فاذا بهم اليوم يتحكمون في أموال الاباطرة والاكاسرة، فإذا أراد الواحد منهم أن يلبس تاج كسرى وينام على بساط قيصر لفعل، لقد كانت - والله - هذه محنة عظيمة، تزول فيها الجبال الراسيات، وتطير لها

الصفحة 112