كتاب إلى الإسلام من جديد

وخدمة النفس، وهذه النفس قد تقصر فتصبح نفسا فردية، وقد تتسع فتصبح نفسا حزبية أو جماعية، ان هذه العقلية هي التي تسيطر على العالم كله، وكل ما تعاني من فساد الأوضاع، مرده الى فساد هذه النفوس، وهيمنة هذه العقلية الخاضعة للمادة، الخادمة للمصلحة، المستأثرة الانانية.
هذا هو الداء أيها الاخوان، فلا تخدعوا أنفسكم، وكلما جردتم النظر، نزلتم الى أعماق الحقائق، فإنكم ستجدون أن أصل البلاء هو شيء واحد (هو عبادة النفس) فإذا لم تتغير هذه النفوس التي تعبد المادة، فلن تتغير هذه الأوضاع أبداً.
ان هذا التنافس الذي تتحدث به الصحف، والذي قد يؤدي الى حروب طاحنة - تستمر سنين طوالا تطحن الأمم - هو تنافس في الأغراض فقط، لا تنافس بين الخير والشر، وان هذا الاصطراع القائم بين الأمم الأوربية، ليس معناه أن أمة منها تريد أن تسيطر على العالم لتقضي على هذه الأوضاع الفاسدة، ولتخدم الانسانية، وتنفذ قوانين الله، وتحارب الفساد، وتساوي بين الناس، وتقيم القسط والعدل، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة كما قال الله تعالى: {الذي إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة،

الصفحة 159