كتاب إلى الإسلام من جديد

الجيوش الفارسية وأميرهم - فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة، والزرابي، وأظهروا اليواقيت واللآلي الثمينة، والزينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب صفيقة، وسيف وترس، وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه، وبيضته على رأسه، فقالوا له:
"ضع سلاحك" فقال: "إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا، وإلا رجعت"، فقال رستم: "ائذنوا له" فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق، فخرّق عامتها، فقالوا له: "ما جاء بكم؟ " فقال: "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد الى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن جور الأديان الى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه الى خلقه لندعوهم، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدا، حتى نفضي الى موعود الله" قالوا: "وما موعود الله"؟ قال: "الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي (¬1) ".
أباح الله للمسلمين الطيبات، وفسح لهم في طرق الكسب ووجوه المعاش، ولم يضيق عليهم في ذلك، فقال: "قل: من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، قل: {هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم
¬_________
(¬1) البداية والنهاية لابن كثير.

الصفحة 16