كتاب إلى الإسلام من جديد

لك أن كلمة الاسلام التي كان الصحابة وكان المسلمون في القرون الاولى يتلفظون بها، كانت ذات حقيقة ثابتة، وكانت كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. وكلمتنا نحن ألفاظ مجردة، ونطق فارغ، ولأجل ذلك ترى عدم تأثيرها في حياة الأمة. ثم إننا مع ذلك نحاول أن نطبق حياة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على حياتنا، ونرجو أن تؤتي هذه الكلمة أكلها كل حين، وتحدث ما أحدثت في الماضي، حتى إذا لم يكن ذلك بطبيعة الحال تسائلنا وقلنا: "ألسنا مسلمين؟ ألسنا نصلي ونصوم؟ ألا نتلفظ بكلمة الاسلام ونرددها صباح مساء؟ فلماذا هذا الفرق الهائل بين عهدنا وعهد الخلفاء الراشدين؟! ولماذا هذا البون الشاسع بين حظنا وحظهم؟! وأين ثمرات شجرة الايمان؟! وأين نتائج الصلاة والصيام؟! وأين ما وعد الله من النصر المبين، والاستخلاف والتمكين؟!
لا تخدعنا أنفسنا!! ولنعلم أنهم كانوا أصحاب جد وحقيقة في الدين. لقد كانت كلمتهم حقيقة، وكانت صلاتهم حقيقة، ونحن متجردون عن هذه الحقائق، فرجاء أن تثمر الصورة ما أثمرت الحقيقة وتغني غناءها، انما هو وهم وخيال، وضرب من المحال.
أما قرأتم في التاريخ أن خبيبا رضي الله عنه رفعوه على الخشبة، وتناولوه بالرماح والاسنة، حتى تمزق جسمه وهو قائم لا يشكو ولا يئن، فقالوا له: "أتحب أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم مكانك؟ " فيضطرب ويقول: "والله لا أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه! " يا أبناء الإسلام! إن الذي ثبته في هذا المكان، وألهمه أن ينطق بمثل هذه الكلمة العريقة في حب الرسول

الصفحة 80