كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني: أن الفعل لا يغني تقديره عن تقدير اسم الفاعل ليستدل على أنه في موضع رفع، واسم الفاعل مغن عن تقدير، وتقدير ما يغني أولى من تقدير ما لا يغني.
الثالث: أن كل موضع يقع فيه الظرف المذكور صالح لوقوع اسم الفاعل، وبعض مواضعه غير صالح للفعل نحو:
أما عندك فزيد، وجئت فإذا عندك زيد؛ لأن أما وإذا المفاجئة لا يليهما فعل.
الرابع: أن الفعل المقدر جملة بإجماع، واسم الفاعل عند المحققين ليس بجملة، والمفرد أصل وقد أمكن، فلا عدول عنه.
فلهذه المرجحات وافقت الأخفش بقولي في الأصل: معمولا في الأجود لاسم فاعل كون مطلق؛ وفاقا للأخفش تصريحا ولسيبويه إيماء. وخالفت ما ذهب إليه أبو علي والزمخشري من جعل الظرف جملة (¬1).
ورجح بعضهم تقدير الفعل (¬2) بأنه متعين في وصل الموصول، وهذا ليس بشيء؛ لأن الظرف الموصول به واقع موقعا لا يغني عنه المفرد؛ بل إذا وقع فيه مفرد تؤول بجملة، والظرف المخبر به واقع موقعا هو للمفرد بالأصالة، وإذا وقعت الجملة فيه تؤولت بمفرد، فلا يصلح أن يعامل أحدهما معاملة الآخر.
ونبهت بقولي: لاسم فاعل كون مطلق على أن اسم فاعل كون مقيد كمعتكف وقارئ لا يغني عنه مجرد ذكر الظرف إذا قصد البيان.
والذي اخترته من تعرية الظرف من الخبرية والعمل هو مذهب أبي الحسن بن كيسان، والظاهر من قول السيرافي (¬3). وتسميته خبرا في الحقيقة (¬4) غير صحيح، وكذا إضافة العمل إليه لا تصح إلا على سبيل المجاز، وللكلام في هذا مواضع يأتي -
¬__________
(¬1) قال الزمخشري: (المفصل ص 24): فصل:
«والخبر على نوعين: مفرد وجملة، فالمفرد على ضربين: خال من الضّمير ومتضمّن له، وذلك زيد غلامك وعمرو منطلق، والجملة على أربعة أضرب: فعلية واسمية وشرطية وظرفية، وذلك زيد ذهب أخوه، وعمرو أبوه منطلق، وبكر إن تعطه يشكرك، وخالد في الدار.
(¬2) قال السيوطي (الهمع: 1/ 98): ورجح ابن الحاجب تبعا للزمخشري والفارسي تقدير الفعل؛ لأنه الأصل في العمل ولتعينه في الصلة.
(¬3) التذييل والتكميل (4/ 54) والهمع (1/ 99).
(¬4) في شرح التسهيل: على الحقيقة.

الصفحة 1001