كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذكرها إن شاء الله تعالى معتضدا بعضها من بعض.
والكلام على حرف الجر المستغنى به كالكلام على الظرف.
وقيدته بالتمام تنبيها على أن الناقص لا يغني، وهو ما لا يفهم بمجرد ذكره وذكر معمول ما يتعلق به نحو: زيد عنك وعمرو بك، فلا بد نحو هذين من ذكر المتعلق به نحو: زيد عنك معرض، وعمرو بك واثق؛ فإن فهم المراد
بدليل جاز الحذف نحو قولك: أما زيد فبعمرو مأخوذ، وأما بشر فبخاله أي بخاله مأخوذ، فحذف مأخوذ لدلالة الأول عليه.
وحرف الجر التام ما يفهم ما يتعلق به بمجرد ذكره نحو: الْحَمْدُ لِلَّهِ (¬1)، وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ (¬2) [1/ 365] ومَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ (¬3) انتهى (¬4) كلام المصنف رحمه الله تعالى.
ويتعلق في هذا الموضع أبحاث:
الأول:
قد عرف أن الظرف الواقع خبرا معمول لشيء، وإن العامل فيه إما المبتدأ نفسه، وإما المخالفة، وإما شيء مقدر هو الخبر في الحقيقة، ثم منهم من يقول: المقدر اسم، ومنهم من يقول: المقدر فعل. فأما القول الأول (¬5) فهو لابن خروف وادعى أنه مذهب سيبويه، وقد رد قول ابن خروف في هذه المسألة، وأول الناس كلام سيبويه رحمه الله تعالى.
فأما المصنف فقد عرفت ما ذكره وما أول به كلام سيبويه. وأما غيره فقال السيرافي: لا أعلم خلافا بين البصريين أنك إذا قلت: زيد خلفك، وكذلك سائر ما يجعل الظرف خبرا له أنه منصوب بتقدير فعل هو استقر أو وقع أو حدث أو كان أو نحو ذلك، فوجب تأويل كلام سيبويه.
قال ابن عمرون: «والذي يدفع عن سيبويه ما توهّمه ابن خروف قول سيبويه في بعض أبواب الكتاب (¬6): وإنما ينتصب خلفك بالذي فيه، قال: ومعلوم أن الّذي -
¬__________
(¬1) سورة الفاتحة: 2.
(¬2) سورة النمل: 33.
(¬3) سورة النور: 35.
(¬4) شرح التسهيل (1/ 318).
(¬5) أي القائل: إن العامل في الظرف هو المبتدأ نفسه.
(¬6) الكتاب: (1/ 406).

الصفحة 1002