كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والضابط [1/ 366] في ذلك كما ذكره ابن عصفور (¬1): «وهو أن حرف الجرّ إذا كان له معنى خاصّ يغلب استعماله فيه كان تامّا؛ لأنه بمجرّد ذكره وإدراك معناه يفهم ما تعلق به من الحدث، وإذا كان له معنى عام صالح مع كل شيء على السواء، وليس هو في أحد المعاني أظهر من الآخر كان ناقصا.
فالتّامّ: نحو زيد في الدار، التقدير: زيد مستقر: في الدار؛ لأن في للوعاء، فمعناها موافق للاستقرار، ومن ثم اشترط أن يكون ما تعلّق به حرف الجر المذكور كونا مطلقا كالاستقرار والحصول والكون ونحوها. فلو كان كونا
خاصّا بأن تريد بقولك: زيد في الدّار، زيد ضاحك، أو جالس في الدّار - لم يجز الحذف بل لا بدّ من ذكره؛ لأنه لا يعلم من في أنّ المحذوف ضاحك مثلا كما يعلم منها الاستقرار، ولذلك جاز أن تقول: زيد لك إذا أردت أنه مملوك لك أو مستحق لك؛ لأن الملك والاستحقاق مفهوم من اللام. ولو قلت: زيد لك وأردت أنه محب لك لم يجز؛ لأنّ ذلك لا يفهم من اللّام. ولما كان كل ظرف على تقدير في لزم أن متعلق الظرف أبدا الاستقرار، فلذلك يجوز أن تقول: زيد خلفك إذا أردت أنه يستقر خلفك، ولو أردت أنه ضاحك أو كاتب لم يجز إلا أن تأتي بذلك الحدث».
«وأما الناقص: فنحو زيد بك، وهذا لا يجوز أن يكون خبرا؛ لأنه لا يعلم هل المراد زيد واثق بك، أو مسرور بك أو غير ذلك؛ لأن الباء معناها الإلصاق فهي صالحة مع كلّ محذوف؛ لأنها تلصقه بالمجرور، ومن ثم امتنع الإخبار بالزمان عن العين، فلا يقال: زيد اليوم؛ لأن التقدير مستقر اليوم، وليس في الإخبار بذلك فائدة، فإن كلّ موجود يكون اليوم زمنا له» (¬2).
البحث الثالث:
قد أفاد المصنف بقوله: ويغني عن الخبر باطّراد ظرف أو حرف جرّ أن الذي تعلق به الظرف أو حرف الجر لا يجوز ذكره، ولهذا يقول المعربون: إذا وقع الخبر ظرفا أو مجرورا تعلق بمحذوف لا يجوز ذكره. وكأن الموجب لذلك طلب الاختصار -
¬__________
(¬1) انظر شرح الجمل لابن عصفور: (1/ 330) بتحقيق فواز الشغار وإميل يعقوب.
(¬2) هذا آخر كلام ابن عصفور بتلخيص يسير من الشارح.
انظر شرح الجمل له: (1/ 330).

الصفحة 1004