كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أكلّ يوم ثوب تلبسه؟ وأكلّ ليلة ضيف يؤمّك؟ ومنه قول الراجز:
644 - أكلّ عام نعم تحوونه ... يلقحه قوم وتنتجونه؟ (¬1)
أي: أكل يوم تجدّد ثوب تلبسه؟ وأكل ليلة إتيان ضيف يؤمك؟ وأكل عام إحراز نعم؟ وكذا إذا عم المبتدأ وكان اسم الزمان خاصّا أو مسئولا به عن خاص كقولك: نحن في شهر كذا، وفي أي الفصول نحن؟.
وأشرت بقولي: غالبا إلى أنه قد يخبر عن اسم عين بظرف زمان في غير ذلك إن ثبت دليل كقول امرئ القيس: اليوم خمر وغدا أمر (¬2).
وكقول الشاعر:
645 - جارتي للخبيص والهرّ للفأ ... ر وشاتي إذا أردت نجيعا (¬3)
-
¬__________
(¬1) بيتان من الرجز المشطور نسبتهما المراجع لرجل من بني ضبة يدعى قيس بن حصين بن يزيد الحارثي في قصة طويلة مذكورة في خزانة الأدب (1/ 407) مع شرح البيتين.
اللغة: النعم: الإبل والبقر والغنم وقيل: الإبل خاصة. تحوونه: تستولون عليه وتملكونه. يلقحه: من ألقح الفحل الناقة إذا أحبلها. تنتجونه: من نتج الناقة أهلها أي استولدوها.
المعنى: يصف الشاعر قوما بالاستطالة على أعدائهم وشن الغارة عليهم، وكلما ألقح عدوهم إبلهم أغاروا عليهم فنهبوها ثم تلد عندهم.
الشاهد فيه: رفع نعم على الابتداء وجعل كل عام خبره، وهو وإن كان ظرفا أخبر به عن اسم الحدث إلا أن اسم الحدث على تأويل مضاف هو اسم معنى، والتقدير إحراز نعم أو نهب نعم، وجملة تحوونه صفة للنكرة قبلها.
والشاهد في شرح التسهيل (1/ 319) وفي التذييل والتكميل (4/ 61) وفي معجم الشواهد (ص 549).
(¬2) مثل لامرئ القيس قاله عند ما قتل بنو أسد أباه وكان يشرب الخمر، والمثل يضرب للزمن الجالب للمحبوب والمكروه (مجمع الأمثال: 3/ 546) وموضع الشاهد في قوله: اليوم خمر، أما قوله: وغدا أمر فهو إخبار بزمان عن اسم معنى وهو جائز.
(¬3) البيت من بحر الخفيف وهو لشاعر مجهول.
اللغة: الخبيص: الحلوى المخبوصة أي المخلوطة بأشياء كثيرة، ومنه خبص الشيء بالشيء أي خلطه (اللسان: خبص). النّجيع: الدم والماء وطعام للإبل، وهو هنا يريده طعاما للإنسان.
والشاعر في البيت يقسم الأكل على الآكلين فيقول: إن زوجته لها الحلوى والهر له الفأر، وإن شاته لنفسه حين يريد ويشتهي لحما.
والشاهد في البيت قوله: وشاتي إذا أردت نجيعا، حيث أخبر بظرف الزمان وهو إذا عن الذات ولا يصح، وإنما صح هنا لوجود دليل على ذلك، وهو وضوح المعنى، وانظر البيت في: شرح التسهيل (1/ 320) -

الصفحة 1010