كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بنصب غدا ورفعه، ذكر ذلك السيرافي (¬1).
والوجهان في هذا النوع جائزان بإجمال، إلا أن النصب أجود لأن الحذف معه أقيس واستعماله أكثر، وإلى هذا أشرت بقولي: وربّما رفع خبرا الزّمان الموقوع في بعضه. انتهى (¬2). وإنما قيد الظرف الموقوع في جميعه أو
أكثره بكونه نكرة؛ لأنه إذا كان معرفة جاز فيه الرفع والنصب باتفاق من الكوفيين والبصريين، نحو: سيرك يوم الخميس وصومك اليوم، إلا أن النصب هو الأصل والغالب.
ثم ها هنا بحثان:
الأول:
مقتضى كلام المصنف مما استشهد به من الآيات الشريفة أن المرفوع الواقع خبرا خبر عن اسم المعنى نفسه، فيكون أشهر معلومات خبرا عن الحج، وشهر خبرا عن غدوها ورواحها، وثلاثون شهرا خبرا عن حمله وفصاله، وفي ذلك نظر: فإن الخبر المفرد غير الظرف إذا لم يقصد التشبيه كان نفس المبتدأ في المعنى. ولا شك أن الخبر في هذه الآيات الشريفة نفس المبتدأ الذي قبله في المعنى.
أما قوله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ (¬3) فلا بد فيه من تقدير مبتدأ محذوف، وهو وقت أو زمن، وإذا كان كذلك فأشهر معلومات خبر عن ذلك -
¬__________
- وكله جائز؛ لأن غدا ظرف زمان وقع الحدث في بعضه.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 321) وفي التذييل والتكميل (4/ 65) وفي معجم الشواهد (ص 107).
(¬1) قال السيرافي في شرحه على كتاب سيبويه: (3/ 225):
«أجمع البصريون والكوفيون أن الوقت يرفع وينصب إذا كان خبرا لمرفوع ابتداء في حال تعريف الوقت وتنكيره، فالتعريف نحو قولك: القتال يوم الجمعة واليوم، وإن شئت قلت: يوم الجمعة واليوم، والتنكير كقولك: رحيلنا غدا وغد كما قال النابغة:
زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا ... وبذاك خبّرنا الغراب الأسود
ويروى: غد.
فإذا رفعت الخبر صار التّقدير في الأولّ أن يكون الوقت مضافا إليه ومحذوفا منه كأنك قلت: وقت القتال اليوم، وإذا نصبت فبإضمار فعل كأنك قلت: القتال يقع اليوم أو وقع». (شرح كتاب سيبويه للسيرافي، جـ 3، رسالة دكتوراه بكلية اللغة رقم: 1665) تحقيق محمد حسن محمد سنة (1978 م).
(¬2) شرح التسهيل (1/ 321).
(¬3) سورة البقرة: 197.

الصفحة 1014