كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومثال ما قصد مما يكون الرفع فيه راجحا لتنكير الظرف المكاني مع كونه مؤقتا متصرفا (¬1) مخبرا به عن اسم عين قولهم: المسلمون جانب والمشركون جانب ونحن قدّام وأنتم خلف، والنصب جائز عند البصريين وعند الكوفيين، ومن زعم أن مذهب الكوفيين في مثل هذا التزام الرفع فقد وهم. فإن كان اسم المكان معرفة متصرفا اختير النصب، وجاز الرفع عند البصريين، ولم يجز عند الكوفيين إلّا في الشعر، وإذا كان المخبر عنه اسم مكان كقولك: داري خلفك ومنزلي أمامك». انتهى (¬2).
واحترز بالمتصرف من الذي لا يتصرف نحو عند، وكأن هذا الحكم الذي ذكره يختص بالظرف المكاني المبهم لا الظرف المختص (¬3) على ما يدل عليه تمثيله.
وقد ذكر الشيخ تقسيما في هذا الموضع فقال (¬4): «الظرف المكاني المتصرف إما أن يقع خبرا عن أسماء الأماكن، أو عن المصادر أو عن الأسماء غير الأماكن والمصادر: فإن وقع خبرا عن أسماء المكان المبهمة جاز فيه الرفع والنصب، نحو مكاني خلفك، ومن كلام العرب: منزله شرقيّ الدّار [1/ 373] برفع شرقي ونصبه.
فإن كان اسم المكان من الظروف المختصة؛ فالرفع نحو موعدك ركن الدار والمسجد أو المقصورة». قال: «فأما قولهم: موعدك باب البرادن أو باب الطّاق فقد روي النصب قليلا على معنى ناحية باب البردان وناحية باب الطاق، ولا يقاس على ذلك».
قلت: واستثناؤه الظروف المختصة من جواز النصب يدلّ على أنه أراد بالظّرف الواقع خبرا في أصل التقسيم إنّما هو الظرف المبهم، كما قلنا: إن ذلك هو -
¬__________
(¬1) الظرف المتصرف: هو ما يفارق النصب على الظرفية إلى غيرها، فيرفع على الفاعلية أو الابتداء، وينصب على المفعولية كالذي يذكره.
وغير المتصرف: هو ما يلزم النصب على الظرفية، أو يجر بمن كقبل وبعد ولدن وعند.
(¬2) انظر: شرح التسهيل (1/ 322) وجواب إذا لم يذكر في الشرحين (ناظر الجيش وابن مالك) وهو مفهوم من جواب إن المذكور في قوله: فإن كان اسم المكان معرفة متصرفا اختير النصب وجاز الرفع عند البصريين ... إلخ.
(¬3) المراد بالظرف المكاني المختص: ما له صورة وحدود محصورة، نحو الدار والمسجد والبلد.
والمراد بالمبهم: ما ليس كذلك نحو الجهات الست، وهي أمام ووراء ويمين وشمال وفوق وتحت، وما أشبهها في الشياع كناحية ومكان وجانب، وقد اختلف في المقادير كفرسخ هل هي من المختص أو من المبهم. (حاشية الصبان: 2/ 129).
(¬4) التذييل والتكميل (4/ 66 - 68).

الصفحة 1017