كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقيل: أجاب سيبويه بقوله: فإذا هو هي، وقال الكوفيون: فإذا هو إياها (¬1)، وكلا الجوابين له توجيه من العربية؛ فمن قال: فإذا هو إياها فإياها مفعول بفعل محذوف يدل عليه المعنى، فلما حذف الفعل انفصل الضمير، ومن قال: فإذا هو هي فليس المعنى أن الزنبور هو العقرب حقيقة، وإنّما هو من باب: زيد زهير أي:
فإذا هو مثلها في اللسع» انتهى (¬2).
و [الثالثة] (¬3): أشار المصنف [1/ 379] بقوله: أو حال إلى أنه قد يستغنى عن خبر المبتدأ بحال مغايرة لما تقدم ذكره كما روى الأخفش من قول العرب: زيد قائما، والأصل زيد ثبت قائما (¬4) والأسهل منه ما حكاه الأزهري من قول بعض العرب: حكمك مسمّطا أي حكمك لك مثبتا فحكمك مبتدأ خبره لك ومسمطا حال استغني بها وهي
عارية عن الشروط المعتبرة في نحو: ضربي زيدا قائما (¬5) وعلى مثل هذا يحمل على الأجود قول النابغة الجعدي:
651 - وحلّت سواد القلب لا أنا باغيا ... سواها ولا عن حبّها متراخيا (¬6)
-
¬__________
(¬1) قد يكون الفيصل في مثل هذه المسألة من مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين ما قاله صاحب الإنصاف (2/ 702).
قال أبو البركات: ذهب الكوفيّون إلى أنّه يجوز أن يقال: كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو إياها، وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز أن يقال: فإذا هو إياها، ويجب أن يقال: فإذا هو هي.
ثم احتج لكل من الفريقين وحكى الحكاية المشهورة بين الكسائي وسيبويه في مجلس يحيى بن خالد، وكيف انتصر العرب للكسائي ظلما. وقد رجح صاحب الإنصاف مذهب البصريين ومال إليه، ورد مذهب الكوفيين وأبطل حججهم. وانظر أيضا: المغني (1/ 88).
(¬2) التذييل والتكميل (4/ 85).
(¬3) ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السياق.
(¬4) التذييل والتكميل (4/ 87). والهمع (1/ 100).
(¬5) المرجعان السابقان. والتصريح (1/ 181). والمثل في: لسان العرب (3/ 2094).
(¬6) البيت من بحر الطويل قاله النابغة الجعدي، وهو في الغزل الرقيق.
سواد القلب: حبته كسودائه وأسوده.
والشاهد فيه: قوله: لا أنا باغيا حيث وقعت باغيا حالا سادة مسد الخبر دون استيفاء شروط حذف الخبر وإقامة الحال مقامه.
وأصله: لا أنا أرى باغيا. وإنما فعلوا ذلك خروجا من عمل لا عمل ليس في المعارف.
انظر البيت في: شرح التسهيل (1/ 325، 377)، والتذييل والتكميل (4/ 87). ومعجم الشواهد (ص 424).

الصفحة 1030