كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال ابن عصفور: «وهذا الّذي ذهب إليه يعضده أنّه لا يحفظ دخول الفاء مع التّأكيد أو النّعت في كلام العرب» (¬1).
الأمر الثاني:
ذهب بعضهم إلى أن الاسم الموصوف بالموصول لا يجوز دخول الفاء في خبره، وتأول الآيات الشريفة تأويلا بعيدا (¬2)، والظاهر أن هذا لا يعتد به، فإن الجمهور على خلافه، والأدلة عاضدة لهم.
الأمر الثالث:
قال أبو الفارسي في الإيضاح له: «فإذا دخلت الفاء في خبر المبتدأ الموصول والنّكرات الموصوفة آذنت بأنّ ما بعدها مستحقّ للفعل المتقدّم أو معناه» (¬3) فقال ابن أبي الربيع في شرحه (¬4): «اعلم أنك إذا أدخلت الفاء في خبر الموصول علم أن الخبر مستحق للصلة إن كانت علة، ومستحق لمعناها إن كانت متضمنة العلّة، ومثال ذلك أن تقول: الّذي يرعاني فأنا أحبّه، فرعايته لك بلا شك علة في المحبّة وسبيلها، وكذلك [1/ 386]: الّذي يحسن إليّ فأنا أودّه؛ لأن النفوس جبلت على حبّ من أحسن إليها، فإن قلت: الذي يأتيني فله درهم فليس نفس الإتيان يوجب الدّرهم بنفسه؛ إنما هو متضمّن للعلة في استحقاق الدّرهم؛ لأن في الإتيان -
¬__________
(¬1) لم أعثر على هذا النص المنسوب لابن عصفور في شرح الجمل له ولا في المقرب.
(¬2) إنّما هما آيتان فقط وبيت: أما الآية الأولى وهي قوله تعالى: وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ .. إلخ [النور: 60] فقد قال أبو حيان فيها: ويمكن تأويلها على أن يكون القواعد مبتدأ واللّاتي خبره، والجملة من قوله: فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ مرتبطة بالفاء بالجملة التي قبلها» (التذييل والتكميل: 4/ 103).
وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فقد خرجها العكبري على زيادة الفاء بعد أن ذكر أنّ الأولى فيها أن تكون رابطة. لما في الّذي من شبه الشّرط، وبأنّ الصفة والموصوف كالشيء الواحد. (التبيان: 2/ 1222) وأما البيت المذكور: صلوا الحزم ... إلخ فقد قال أبو حيان:
«يخرّج على زيادة الفاء أي قد تلفونه كما قال ... والصّغير فيكبر» (التذييل والتكميل: 4/ 104).
(¬3) انظر الإيضاح لأبي علي (ص 99) (حسن شاذلي) وبقية كلامه: «وإذا لم تدخل الفاء في خبرها احتمل أن يكون مستحقّا بفعله المتقدم وبغيره».
(¬4) شرح الإيضاح لابن أبي الربيع مفقود، والموجود هو الملخص من شرح الإيضاح للمؤلف المذكور، وهو بمعهد المخطوطات العربية (ميكرو فيلم رقم 220 نحو مصنف غير مفهرس).

الصفحة 1045