كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

[مسائل مختلفة في اقتران الخبر بالفاء]
قال ابن مالك: (وقد تدخل على خبر كلّ مضافا إلى غير موصوف، أو إلى موصوف بغير ما ذكر، وعلى خبر موصول غير واقع موقع من الشّرطيّة ولا ما أختها، ولا تدخل على خبر غير ذلك خلافا للأخفش. وتزيلها نواسخ الابتداء إلّا إنّ وأنّ ولكنّ على الأصحّ).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ميزة وكرامة ورعاية وخدمة استوجب بها صلته عنك بذلك».
قال ابن أبي الربيع: «فهذا معنى قول أبي عليّ: آذنت بأنّ ما بعدها مستحق للفعل المتقدم أو معناه».
الأمر الرابع:
أورد على قول النحاة أن الخبر يكون مستحقّا بالصلة قوله تعالى: وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ (¬1) فإن هذا المعنى الذي ذكروه لا يتحقق في الآية الشريفة؛ لأن كون هذه النعم من الله غير مستحق باستقرار نعمه بنا، وأجيب عن ذلك بجوابين:
الأول: أن السبب أقيم في الآية الشريفة مقام المسبب؛ فالمعنى في الآية الشريفة:
وما بكم من نعمة فمن الله، فاشكروا الله عليها؛ لأنها منه. فأقيم سبب الشكر على النعمة وهو كونها منه مقام
المسبب عنه وهو الشكر، واستغني به عنه.
الثاني: أن هؤلاء قد عرفوا النعمة وجهلوا المنعم، فنبهوا أن الاستقرار الأول سبب للعلم بالاستقرار الثاني.
قال ناظر الجيش: هذا الكلام يتضمن الإشارة إلى مسائل خمس:
الأولى:
أن الفاء قد تدخل على خبر كل مضافا إلى غير موصوف، ومثال ذلك قول الأفوه:
660 - وكلّ قرينة فإلى افتراق ... ولكن فرقة تنفي الملاما (¬2)
-
¬__________
(¬1) سورة النحل: 53.
(¬2) البيت نسب هنا وفي التذييل والتكميل إلى الأفوه الأودي وليس في ديوانه.
ومعناه: كل قرينة تفارق قرينها بالموت، وفراق الموت لا لوم فيه؛ لأنه يطوف على كل حي. -

الصفحة 1046