كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله تعالى: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ (¬1) ولا شك أن هذا ماض لفظا ومعنى مقطوع بوقوعه صلة وخبرا.
وقد تأولوا هذا على معنى التبين كأنه قيل: وما يتبين إصابته إياكم [1/ 387] وما يتبين إفاءة الله على رسوله منهم، ونظير ذلك قوله تعالى: إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ (¬2) أي إن يتبين كون قميصه قد من قبل.
الرابعة:
أن الفاء لا تدخل على خبر شيء غير الذي ذكر في هذا الفصل، وقد خالف الأخفش في ذلك، وأجاز دخول الفاء على خبر المبتدأ الذي لا يشبه أداة الشرط نحو:
زيد فمنطلق، وزعم أنهم يقولون: أخوك فوجد (¬3). ومثل ما زعم قول الشاعر:
662 - [يموت أناس أو يشيب فتاهم] ... ويحدث ناس والصّغير فيكبر (¬4)
قال المصنف (¬5): ورأيه في ذلك ضعيف (¬6)؛ لأنه لم يرد به سماع ولا حجة له -
¬__________
- قال: والذي نذهب إليه أنه يجوز دخول الفاء في الخبر والصلة ماضية من جهة المعنى؛ لورود هذه الآية، ولقوله تعالى: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى
رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ
[الحشر: 6] ومعلوم أن هذا ماض مقطوع بوقوعه صلة وخبرا، ويكون ذلك على تأويل وما يتبين إصابته إياكم كما تأولوا:
إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ [يوسف: 26] أي إن تبيّن كون قميصه قدّ ... إلخ، ثم ذكر عدة آيات أخرى.
(¬1) سورة الحشر: 6.
(¬2) سورةيوسف: 26.
(¬3) قال الأخفش في كتابه: معاني القرآن (ص 93) تحقيق عند تفسير قوله تعالى: أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنعام: 54].
قال: «يشبه أن تكون الفاء زائدة كزيادة ما ويكون الّذي بعده الفاء بدلا من التي قبلها، وأجوده أن تكسر إن وأن تجعل الفاء جوابا للمجازاة، وزعموا أنهم يقولون: أخوك فوجد بل أخوك فجهد يريدون:
أخوك وجد بل أخوك جهد فيزيدون الفاء».
(¬4) البيت من بحر الطويل، وهو من تأملات الشاعر في الحياة، ولم أعثر له على قائل.
ويستشهد به على زيادة الفاء في خبر المبتدأ في قوله: والصغير فيكبر دون أن يكون المبتدأ اسما موصولا أو مضافا إلى اسم موصول أو موصوفا به، وهو المبتدأ الذي يشبه اسم الشرط.
والبيت في: التذييل والتكميل (4/ 104) ومعجم الشواهد (ص 152).
(¬5) شرح التسهيل (1/ 330).
(¬6) قال السيرافي في شرحه لكتاب سيبويه: (2/ 705) (رسالة دكتوراه بكلية اللغة): «قد تقدّم من قول سيبويه أنه لا يجوز أن تقول: زيد فاضربه كما لا يجوز أن تقول: زيد فمنطلق وزيد فله درهم. والذي أبطل -

الصفحة 1048