كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

بأفصح لسان، وأفسح مجال، وعلى آله وصحبه البررة الكرام، ذوي التقدم والإقدام، في الحرب السجال، صلاة دائمة بلا انتقال، موصولة من غير انفصال ما انحصر الكلم العربي في الحروف والأسماء والأفعال.
وبعد:
فإن كتاب تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، للعلّامة حجة العلماء، قدوة البلغاء إمام القراء والنحاة والأدباء؛ جمال الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن مالك الطائي الجيّانيّ (¬1)، رحمة الله عليه - جامع مفيد ومختصر سعيد، قل أن تسمح بمثله القرائح أو تطمح إلى النسج على منواله المطامح، بهر مصنفه به الألباب، وأتى فيه بالعجب العجاب، وأبرز مخبآت المسائل بيض الوجوه كريمة الأحساب، أبدع فيه التأليف، ووشاه بحسن الترصيع والترصيف (¬2)، وجمع فيه متفرقات علم النحو الشريف؛ فرتب قواعده، وأحكم معاقده، وأوضح مراشده، وسهل مصادره وموارده، وأودع المعاني العزيزة الألفاظ الوجيزة، وقرب المقاصد البعيدة بالأقوال السديدة؛ فهو يساجل
المطولات على صغر حجمه، ويباهل المختصرات؛ لغزارة علمه (¬3)، ويطلع كالقمر سنا، ويشرق كالشمس بهجة وضيا، جزى الله مؤلفه عن صنيعه جزاء موفورا وجعل عمله متقبلا وسعيه مشكورا.
هذا .. ولقد أردفه بشرح (¬4) كشف منه المغمّى وجلا المعمّى، وفتح به مقفل أبوابه، ويسر لطالبيه (¬5) سلوك شعابه، وضمنه ما يملأ الأسماع والنواظر (¬6)،
¬__________
(¬1) هو ابن مالك المشهور، والذي قال عنه السيوطي (بغية الوعاة: 1/ 136): شهرته واسعة تغني عن التعريف به، ومن أراد أن يذكره للناس ويعرفهم به كمن أراد أن يذكر لهم الشمس في وضح النهار، ولد سنة (600 هـ) على الأصح، وتوفي سنة (672 هـ).
انظر في ترجمته: بغية الوعاة (1/ 136)، الأعلام للزركلي (7/ 111)، وترجمته مفصلة في قسم الدراسة وسيلقيه شارحنا بالمصنف.
(¬2) المراد: زينه ونمقه وألفه أحسن تأليف وهو من قولهم: سيف مرصّع بالجواهر أي محلى. وقولهم: تراصفوا في الصف: أي تراصوا، والرّصف: حجارة مرصوف بعضها إلى بعض (القاموس: رصع، رصف).
(¬3) قوله: يساجل المطولات: أي يباريها ويفاخرها، وهما يتساجلان: أي يتباريان (القاموس: سجل) وقوله: يباهل المختصرات، من قولهم: باهل القوم بعضهم بعضا وتباهلوا وابتهلوا: تلاعنوا.
(¬4) في نسخة دار الكتب (ب): ولقد قام بشرح، وهما سواء.
(¬5) في نسخة (ب): ومهد لطالبيه، وهما سواء أيضا.
(¬6) في نسخة (ب): وضمنه بما يملأ ... إلخ

الصفحة 108