كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا تغير بل تستعمل على حسب ما وردت (¬1).
وقد أشار المصنف إلى هذا القسم بقوله: ولا يتقدّم خبر دام اتّفاقا.
وأما القسم الثالث: فقد عرفت أنه ليس وزال وأخواتها.
أما ما زال فقال المصنف (¬2): ويشارك زال وأخواتها إذا نفيت بغير ما صار وأخواتها في جواز تقديم الخبر نحو قائما لم يزل زيد وفي التخيير بين تقديمه وتوسيطه عند امتناع تأخيره نحو: في الدار لم يبرح صاحبها ولا ينفك
مع هند أخوها (¬3).
فلو كان النفي بما لم يجز لأن ما لها صدر الكلام ولذلك جرت مجرى حرف الاستفهام في تعليق أفعال القلوب. وقياس إن النافية أن تجري مجراها في غير التعليق كما جرت فيه مجراها (¬4) كقوله عز وجلّ: وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (¬5).
وأجاز ابن كيسان التقديم مع النفي بما (¬6) مع أنه موافق للبصريين في أنّ ما لها صدر الكلام لكنه نظر إلى أن ما زال زيد فاضلا بمنزلة كان زيد فاضلا في المعنى فاستويا في جواز تقديم الخبر.
وهذا الذي اعتبره ضعيف لأن عروض تغيير المعنى لا يغير له الحكم ولذلك استصحب الاستفهام في نحو: علمت أزيد قام (¬7) أم عمرو ما كان له من التزام التصدير مع أن معنى الاستفهام قد تغير.
وأجاز الكوفيون إلا الفراء ما أجازه ابن كيسان لأن ما عندهم ليس لها تصدير -
¬__________
(¬1) نص ما قاله ابن عصفور في شرح الجمل له (1/ 273): «وأما قعد فلأنها لم تستعمل إلا في كلام جرى مجرى المثل فلا يغير عما استعمل عليه من تأخير الخبر وذلك: شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة».
(¬2) انظر نصه في شرح التسهيل (1/ 513).
(¬3) في هذين المثالين وجب تقديم الخبر على الاسم لاتصال الاسم بضمير يعود على بعض الخبر فلو أخر الخبر لزم عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة وهو لا يجوز.
(¬4) أي كما جرت إن في التعليق مجرى ما، ومعناه: امتناع تقديم الخبر على زال - وأخواتها إن نفيت بإن لأن إن تجري مجرى ما في هذا وفي غيره كالتعليق والإعمال.
(¬5) سورة الإسراء: 52. وشاهده: تعليق تظنون عن العمل في المفعولين بسبب دخول إن، ويقال في إعرابها: إن جملة لبثتم سدت مسد مفعولي تظنون.
(¬6) انظر في إسناد هذا الرأي لابن كيسان: التصريح (1/ 189). والتذييل والتكميل (4/ 176) قال أبو حيان: غير الفراء من الكوفيين أجاز تقديم الخبر مطلقا سواء نفي بما أو بغيره فتقول: قائما ما زال زيد وهذا المذهب مشهور نقله عن ابن كيسان.
(¬7) في النسخ: أزيد ثم أم عمرو ولا معنى له.

الصفحة 1118