كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني: أن نعم وبئس يقوم كل واحد منهما مقام فعل صريح ويقوم الفعل الصريح مقامه، فمن كلام العرب الفصيح علم الرجل فلان بمعنى نعم العالم فلان وليس لا تقوم إلا مقام حرف ولا يقوم مقامها إلا حرف.
الثالث: أن ليس ونعم وبئس مشتركة في مفارقة الأصل لأن أصل كل منها فعل ولكن «ليس» فارقت أصلها فراقا لازما على وجه عدم به النظير في الأفعال وثبت به شبه الحرف ونعم وبئس بخلاف ذلك لأنهما لم يفارقا أصلهما فراقا لازما، بل أصلهما مستعمل فلم يعدم بما فعل بهما النظير في الأفعال ولا ثبت به شبه الحرف لأن الذي فعل بهما من كسر الفاء وسكون العين مطرد في كل فعل على فعل ثانيه حرف حلق وفعلية ما روعي أصله وسلك به سبيله مطردة في الأفعال أقوى من فعلية ما لم يعامل بهذه المعاملة.
وأما تفضيل ليس على نعم وبئس بإعمالها في الظاهر والمضمر والمعرفة والنكرة فشيء ثبت على خلاف الأصل لأن شبهها في اللفظ والمعنى بالحرف أقوى من شبهها بالفعل فأن يسلك بها سبيل الأشبه بها أولى ولكن فعل بها ذلك لم يبق ما يدل على فعليتها فرفعت الضمائر المتصلة لذلك وإذا كان هذا التفضيل محوجا إلى اعتذار فلا يجعل سببا لتفضيل آخر فيستباح من أجله تقديم الخبر لأن ذلك تكبير لمخالفة الأصل ومحوج إلى اعتذار ثان ومع هذا فقد شاركها نعم وبئس في رفع الضمير [2/ 24] مستترا وبارزا فإن الكسائي روى عن (بعض) (¬1) العرب: الزّيدان نعما رجلين والزّيدون نعموا رجالا (¬2).
وقال الأخفش: ناس من العرب يرفعون النّكرة بنعم مفردة ومضافة (¬3).
وأما فعل التعجب فيفوق ليس بأربعة أوجه (¬4): -
¬__________
(¬1) ما بين القوسين من شرح التسهيل وليس في النسخ وثبوته أفضل.
(¬2) انظر فيما رواه الكسائي: الهمع (2/ 84).
(¬3) انظر فيما رواه الأخفش: الهمع (2/ 86).
(¬4) انظر: شرح التسهيل لابن مالك (1/ 353) وفيه: وأما فعل التعجب فهو وإن لزم طريقة واحدة راجح على ليس من أربعة أوجه ... إلخ.

الصفحة 1122