كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حمل هذا الشبه في باب إن على أن جعل فيه الاسم نكرة والخبر معرفة كقول الشاعر:
722 - وإنّ حراما أن أسبّ مجاشعا ... بآبائي الشّمّ الكرام الخضارم (¬1)
وأجاز سيبويه: إنّ قريبا منك زيد (¬2). انتهى (¬3).
والمغاربة كابن عصفور وغيره ذكروا هاهنا تقسيما وجعلوا الإخبار بالمعرفة عن النكرة في البابين أعني بابي كان وإنّ من الضرورات فخالفوا المصنف في ذلك والتقسيم الذي ذكروه هو أن قالوا (¬4): إذا اجتمع في هذا الباب اسمان فإما أن يكونا معرفتين أو نكرتين أو معرفة ونكرة؛ فهذه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يكونا معرفتين: وحينئذ إما أن تكون إحداهما قائمة مقام الأخرى أو مشبهة بها، أو هي نفسها: إن كانت قائمة مقامها أو مشبهة بها كان الخبر ما تريد إثباته نحو: كانت عقوبتك عزلتك، وكان زيد زهيرا، فالعزلة ثابتة -
¬__________
(¬1) البيت من بحر الطويل نسب في مراجعه للفرزدق وهو في الفخر والقوة شأن الفرزدق دائما ومع ذلك لم أجده في ديوانه، وبعد بيت الشاهد يقول (وهو من شواهد سيبويه: 1/ 77 في التنازع):
ولكنّ نصفا لو سببت وسبّني ... بنو عبد شمس من مناف وهاشم
اللغة: مجاشعا: ويروى مكانه مقاعسا وهما من قبائل العرب الوضيعة. الشّم: جمع أشم، وهو العزيز.
الخضارم: جمع خضرم، كدرهم، وهو الجواد الكثير العطاء. نصفا: بكسر النون أي عدلا، وقد روي كذلك، عبد شمس، وهاشم: من قبائل العرب العظيمة السائدة.
المعنى: يقول الفرزدق: لا يصح أن أنزل بقومي ونفسي فأسب مجاشعا لأنهم ليسوا بالأشراف كقومي، وإنما الإنصاف أن أسب ويسبني الأشراف والعظام لبني عبد شمس.
الشاهد فيه قوله: «وإن حراما أن أسب ... إلخ» حيث جاء اسم إنّ نكرة والخبر معرفة وعليه فيجوز قياس ذلك في باب كان.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 357) وفي التذييل والتكميل (4/ 185) وفي معجم الشواهد (ص 364).
(¬2) انظر الكتاب (2/ 143) وفيه يقول سيبويه: وتقول: إنّ قريبا منك زيد والوجه إذا أردت هذا أن تقول: إنّ زيدا قريب منك أو بعيد عنك لأنه اجتمع معرفة ونكرة.
وقال امرؤ القيس (من الطويل):
وإن شفاء عبرة مهراقة ... فهل عند رسم دارس من معوّل
فهذا أحسن لأنهما نكرة.
(¬3) انظر: شرح التسهيل لابن مالك (1/ 357) إلا أن قول الشارح: وأجاز سيبويه ... إلخ ليس في شرح ابن مالك.
(¬4) انظر هذا النقل الطويل في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 384) (بتحقيق الشغار) وهو منقول بنصه.

الصفحة 1131