كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

بما خصه به منها.
ونظير هذا الرمز والتلويح ما فعله شيخ الإسلام وعلّامة الوقت، الشيخ:
تقيّ الدّين، عرف بابن دقيق العيد (¬1) - رحمه الله تعالى، ورضي عنه - في خطبة شرحة للإلمام (¬2)؛ حيث قال في أثنائها: «والأرض لا تخلو من قائم لله بالحجّة. والأمّة الشّريفة لا بدّ فيها من سالك إلى الحقّ على واضح المحجّة».
فالظاهر أنه ما عنى إلا نفسه بالنسبة إلى زمانه الذي هو فيه وإنه لجدير بذلك.
ثم في هذا الكلام من المصنف حث وترغيب في النظر في كلام المتأخرين والاشتغال به، ونهي عن أن يقتصر المحصل على كلام المتقدمين ويرفض كلام من بعدهم؛ فإنه قد يعثر في كلام المتأخر على ما لا يعثر عليه في كلام المتقدم، ولا شك أن للمتقدم فضيلة السبق والاختراع والتدوين، وللمتأخر فضيلة الجمع والإكثار وتقييد ما لعله أطلق وتفصيل ما لعله أجمل، مع الاختصار التام وتيسير ما هو على المحصل صعب المرام، فيتعين الجنوح إلى كلامهم، والتعريج على مصنفاتهم؛ فربما فات من لم يشتمل عليها مقصود كبير، ولهذا قال الجاحظ (¬3) ما معناه: «من أضرّ
¬__________
(¬1) هو محمد بن علي بن وهب بن مطيع، أبو الفتح تقي الدين القشيريّ، المعروف كأبيه وجده بابن دقيق العيد. قاض مجتهد من أكابر العلماء
بالأصول، أصل أبيه من منفلوط بمصر، انتقل إلى قوص، وولد له ابنه محمد. فنشأ بقوص وتعلم بدمشق والإسكندرية والقاهرة، وولي قضاء الديار المصرية سنة (695 هـ)، واستمر فيها إلى أن توفي سنة (702 هـ).
من مصنفاته: الإلمام في أحاديث الأحكام، الإمام في شرح الإلمام، شرح الأربعين النووية، شرح مقدمة المطرزي في أصول الفقه، وكان مع غزارة علمه ظريفا. له أشعار وملح وأخبار.
انظر ترجمته في الأعلام (7/ 173).
(¬2) كتاب الإلمام في أحاديث الأحكام للشيخ تقي الدين محمد بن علي المعروف بابن دقيق العيد، جمع فيه متون الأحاديث المتعلقة بالأحكام مجردة عن الأسانيد ثم شرحه وبرع فيه وسمي الشرح بالإمام.
ويقال إن بعض الحسدة أعدمه؛ لأنه كتاب جليل القدر لو بقي لأغنى الناس عن تطلب كثير من الشروح. وقد شرح الإلمام شراح كثيرون ولخصه بعضهم انظر: (كشف الظنون 1/ 158). و (لوحة رقم 122 من كتاب: إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون).
(¬3) هو أبو عثمان: عمرو بن بحر الجاحظ من أهل البصرة. ولد سنة (150 هـ)، كان كثير الاطلاع صابرا عليه. له أساتذة مشهورون كالأصمعي والأخفش. قال عنه عالم: لا أحسد الأمة العربية إلا على ثلاثة أنفس: عمر بن الخطاب وأبو الحسن البصري والجاحظ.
ومصنفاته كثيرة جدّا، حتى كتبها ياقوت في معجمه في أربع صفحات ومن أشهرها: البيان والتبيين، -

الصفحة 120