كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وظاهر كلام ابن جني (¬1) يقتضي أنه جمع؛ لأنه قال (¬2):
«قال سيبويه (¬3): هذا باب علم ما الكلم من العربيّة، ولم يقل: ما الكلام؛ لأنّه أراد نفس ثلاثة أشياء: الاسم والفعل والحرف. فجاء بما لا يكون إلّا جمعا وترك ما لا يخصّ الجمع وهو الكلام».
وذهب الفارسي (¬4) وغيره من المحققين: إلى أنه اسم جنس، وكذلك كل ما شابهه كنبق وسدر (¬5).
ويدل على ذلك تصغيرهم إياه على لفظه. ولو كان جمعا لكان للكثرة وجموع الكثرة لا تصغر على لفظها (¬6). -
¬__________
(¬1) هو أبو الفتح عثمان بن جني، من أحذق أهل الأدب وأعلمهم بالنحو والتصريف. وعلمه بالصرف أكثر؛ لأن أبا علي الفارسي عيره بجهله مسألة في الصرف، فلزمه أربعين سنة يتعلم منه، ولما مات أبو علي تصدر مكانه ابن جني في بغداد. لقي المتنبي وكان المتنبي يجله وقد شرح ابن جني ديوانه شرحين.
ومصنفاته كثيرة وعظيمة: أهمها: الخصائص وهو في النحو والصرف واللغة، سر صناعة الإعراب، شرح تصريف المازني، اللمع في النحو، المحتسب في القراءات الشاذة وغير ذلك وكلها مطبوعة. ولد قبل سنة (330 هـ) وتوفي سنة (392 هـ). انظر ترجمته في نزهة الألباء: (ص 342)، بغية الوعاة: (2/ 132)، الأعلام (4/ 364).
(¬2) انظر: الخصائص (1/ 25) طبعة بيروت.
(¬3) انظر: الكتاب (1/ 12) وهو عنوان أول باب من أبواب كتاب سيبويه.
(¬4) هو أبو علي الحسين بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الأصل، ولد في فسا من أعمال فارس. ودخل بغداد سنة (307 هـ) وتجول في كثير من البلدان، وأقام عند سيف الدولة في حلب مدة سنة (341 هـ)، ثم عاد إلى فارس، وصحب عضد الدولة وعلمه النحو وصنف له كتبا.
مصنفاته: صنف لعضد الدولة كتاب الإيضاح في النحو الذي شرحه كثيرون. ولما استصغره عضد الدولة عمل له أبو علي التكملة، كما صنف
الحجة في القراءات وهو مطبوع في سوريا ومصر. كما صنف التذكرة وهي مفقودة، وسئل في حلب وبغداد والبصرة وشيراز أسئلة كثيرة، فصنف في أسئلة كل بلد كتابا سماه باسمها. وكلها بدور العلم في مصر، توفي ببغداد سنة (377 هـ).
انظر في ترجمته: نزهة الألباء (ص 315)، بغية الوعاة (1/ 497)، الأعلام (2/ 194).
(¬5) النبق: فيه الأوزان الثلاثة التي في: كتف. وهو ثمر شجر معروف. الواحدة نبقة وفي معناه السدر أيضا.
(¬6) انظر كتاب التكملة لأبي علي (ص 155) رسالة ماجستير بجامعة القاهرة. قال أبو علي: «باب في دخول التاء الاسم فرقا بين الجمع والواحد منه:
وذلك نحو: تمر وتمرة وشعير وشعيرة وجراد وجرادة؛ فالتاء إذا لحقت في هذا الباب دلّت على المفرد، فإذا حذفت دلت على الجنس والكثرة. ثم قال: فإذا حذفت التاء ذكر الاسم وأنث، وجاء في القرآن الأمران جميعا. وبعد تمثيله قال: ومؤنث هذا الباب لا يكون له مذكر من لفظه لما كان يؤدي إليه من التباس المذكر الواحد بالجمع. فإذا أرادوا المذكر قالوا: هذا حمامة ذكر، وهذا بطة ذكر».

الصفحة 139