كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا كثير فيفرّق بينهما، ألا ترى أنّه ليس للكلم ولا للكلمات ما يقعان عليه إلّا الأجناس الثّلاثة خاصّة، فلمّا لم تتصوّر التّفرقة شاع وقوع اسم الجنس موقع الجمع بالألف والتّاء؛ لأنّ اللّبس إذ ذاك قد أمن» (¬1).
وأما الكلام فهو في اصطلاح النحاة: عبارة عن الجمل المفيدة كما سيتضح عند تفسير قيود حده.
وقد اختلف فيه قبل نقله وتخصيصه بما ذكر: هل هو مصدر أو اسم مصدر؟
فمذهب البصريين: أنه اسم مصدر كالعطاء اسم للمعطى وهو الصحيح؛ لأن الفعل المستعمل من هذه المادة مرادا به معنى الحديث ليس إلا ثلاثة أبنية: كلم وتكلم وكالم، ومصادرها الجارية: التّكليم والتّكلّم والمكالمة والكلام (¬2).
وليس الكلام جاريا على واحد من الأفعال الثلاثة.
ومذهب الكوفيين: أنه مصدر.
قال الشيخ بهاء الدين النحاس (¬3) رحمه الله: «واستدلّوا على ذلك بإعماله في قولك: كلامك زيدا حسن. وقال الشّاعر: -
¬__________
(¬1) انظر: التذييل والتكميل: (1/ 29) وبعد كلام شارحنا قال أبو حيان موضحا:
«وأيضا فإنك إن جمعت بالألف والتّاء فلأن الثّلاثة قليل، وإن أتيت باسم الجنس فلأنّ هذه الثّلاثة هي جميع ما يقع عليه كلم». انتهى.
ومعنى كلام ابن عصفور: أن ما صدق عليه لفظ كلم من أفراد في الخارج هو ما صدق عليه كلمات؛ فلا تناقض.
(¬2) قال في اللسان (كلم): «تكالما: إذا تحدّثا بعد تهاجر، ومن المصدر: تكلّام بكسر الأول والثّاني وتشديد الثّالث».
(¬3) انظر التعليقة على المقرب المسمى شرح المقرب لبهاء الدين النحاس (مخطوطة بالأزهر - 4947 - ورقة 3).
ترجمة النحاس: هو الإمام أبو عبد الله بهاء الدين محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر بن النحاس الحلبي النحوي شيخ الديار المصرية ولد سنة (627 هـ)، وتعلم العربية على يد ابن عمرون وغيره وتخرج على يديه كثيرون منهم أبو حيان، كان كريما ثقة حجة فيما يرويه، فاضلا يسعى في مصالح الناس، عاش في مصر وفوض إليه تدريس التفسير بالمدرسة المنصورية والجامع الطولوني.
قال عنه السيوطي: «لم يصنف شيئا إلا ما أملاه شرحا لكتاب المقرّب» وتوفي سنة (698 هـ).
انظر ترجمته في: بغية الوعاة: (1/ 13)، الأعلام (6/ 187).

الصفحة 142