كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والسماء فوق الأرض، وتكلم إنسان.
وخرج بمقصود: ما هو غير مقصود كحديث النائم والساهي.
وخرج بقوله: لذاته: ما هو مقصود لغيره، كإسناد الجملة الموصول بها والمضاف إليها؛ فإن الإسناد فيهما لم يقصد هو ولا ما تضمنه لذاته؛ بل قصد لغيره، وليس كلاما؛ بل هو جزء كلام. وذلك نحو: قاموا من قولك: رأيت الذين قاموا، وقمت حين قاموا.
وزاد بعض العلماء في حد الكلام: من ناطق واحد، احترازا من أن يصطلح اثنان على أن يذكر أحدهما فعلا أو مبتدأ ويذكر الآخر فاعل الفعل أو خبر المبتدأ؛ فإن مجموع النطقين مشتمل على ما اشتمل عليه مثله إذا نطق به واحد، وليس بكلام لعدم اتحاد الناطق؛ لأن الكلام عمل واحد فلا يكون عامله إلا واحدا (¬1).
قال المصنف: «وللمستغني عن هذه الزيادة جوابان:
أحدهما: أن اتحاد الناطق لا يعتبر كما لا يعتبر اتحاد الكاتب في تسمية المكتوب خطّا. ولا يعترض على ذلك بعدم تساويهما في الحكم؛ إذ لا يترتب على نطق المصطلحين ما يترتب على نطق الواحد: من إقرار وتعديل وتجريح وقذف وغير ذلك.
لأنّا نقول: انتفاء ترتب الحكم على الكلام لمانع لا يمنع كونه كلاما؛ فهو كلام لتركّبه من اللفظين؛ لكنه غير صريح بالنسبة إلى كل من الناطقين، إذ لا يعلم السامع ارتباط أحد جزأيه بالآخر، كما يعلم من نطق الناطق الواحد، فلذلك اختلفا في الحكم.
الجواب الثاني:
أن يقال: إنما اقتصر كلّ منهما على كلمة واحدة؛ اتكالا على نطق الآخر بالأخرى، فمعناها مستحضر في ذهنه، فكأنه متكلم واحد نطق بكلمة وقدر الأخرى.
كما يقول الرائي شبحا: زيد، أي: المرئيّ زيد، فكل من الناطقين صادر منه كلام.
وقد تبين أن من الكلام ما يكون أحد جزأيه غير منطوق به» انتهى ملخصا (¬2). -
¬__________
(¬1) انظر: شرح التسهيل (1/ 7) ولم يشر إليه الشارح.
(¬2) انظر: شرح التسهيل (1/ 8)، وقد نقل الشارح منه بتلخيص كما قال.

الصفحة 146