كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القصد في حدّ الكلام؛ لأنّه إنّما يحترز به عن حديث السّاهي والنّائم والمجنون، والصّادر من هؤلاء يخرج بقيد الإفادة؛ لأنّ مثل هذا لا يفيد بوجه. ولو قال النّائم:
زيد قادم مثلا ووافق ذلك قدومه، فالفائدة لم تحصل من إخباره، وإنما حصلت من مشاهدة القدوم». انتهى (¬1).
ومناقشة ابن الضائع لا تبعد عن الصواب، إلا أن يقال: المراد بالكلام المفيد ما صورته صورة ما يحصل منه فائدة، أي: ما من شأنه أن يفيد، ولا يلزم إفادته من ذلك المحل بخصوصه. ولا شك أن قول النائم: قام زيد مثلا شأنه ذلك؛ فهو داخل إلى أن يخرج بقيد القصد.
وقال الشيخ: «قد فهم من كلام ابن الضائع أنّه لا تشترط في الإفادة قصد المتكلم إيّاها. إنّما يشترط فيها أن تكون على هيئة التركيب الموضوع في لسان العرب، وكثير من النحويين لم يعتبروا في حدّ الكلام سوى التركيب الإسنادي فقط، ولم يشترطوا الإفادة ولا القصد». انتهى (¬2).
وما ذكره من الفهم المذكور غير ظاهر؛ لأن من جعل القصد قيدا إنما احترز به عما يفيد بغير قصد مثل كلام النائم.
وابن الضائع منع أن يكون ذلك مفيدا؛ فلم يحتج إلى ذكر القصد، ولا شك أن كلام غير النائم والساهي والمجنون يصحبه القصد، فلا يقال: إنه لا يشترط القصد؛ لأن ذلك يوهم أن الكلام قد يخلو عنه، وليس كذلك.
وأوهم استدراجه في الكلام إلى أن الفائدة غير مشروطة عند كثير من النحويين أن ابن الضائع لا يشترطها أيضا، وقد تبين خلاف ذلك. -
¬__________
- النحو وكان متقدما فيه. ومن أساتذته الشلوبين. عاش في القرن السابع الهجري وقارب السبعين عاما، حيث توفي سنة (680 هـ).
مصنفاته: له مخطوط كبير عظيم، وهو شرح الجمل بدار الكتب المصرية، وهو أجزاء ثلاثة من عدة نسخ يكمل بعضها بعضا؛ لأنها مهلهلة. قال السيوطي: وله شرح كتاب سيبويه وهو عجيب، جمع فيه بين شرح السيرافي وابن خروف، كما أن له كتبا أخرى فيها اعتراضات وردود على ابن عصفور وابن الطراوة والبطليوسي، انظر في ترجمته: بغية الوعاة (2/ 204) الأعلام (5/ 154).
(¬1) انظر: التذييل والتكميل (1/ 36).
(¬2) المرجع السابق.

الصفحة 148